الصحة في المغرب: لا تمرض أيها المواطن حتى تراكم ثروة أو تصاهر صاحب مصحة خاصة

الصحة

بالرغم من المجهودات المبذولة في سبيل التأسيس لتنمية بشرية مندمجة تتخذ من المواطن غايتها و وسيلتها، إلا أن الحصيلة الاجتماعية في القطاعات الحساسة لا تبعث على الأمل، التعليم أصبح سوقا للتوظيف والمضاربات من أجل دروس الدعم والتقوية ورغم ذلك يفتقد سوق الشغل المغربي الكفاءات، العدل وبعد ما ألحقت به الحريات غاب ليسود “اللانظام” ولتعم ثقافة “التلاعب بالقانون لصالح من يملك أكثر أو يعرف شخصيات تدعى النفوذ والقرابة العليا”، إلى جانب الصحة، حيث المعضلة الاجتماعية الحقيقية.

لا أقول معضلة لأنني أستهن بمجهودات وزارة الصحة وانتقد المشرفين عليها، لكنني أقول بعد مرارة علاجي وعلاج أسرتي، وحالات أخرى وقفت عليها إيمانا بالتضامن والتكافل الاجتماعي بين المغاربة الفقراء الذين لم يحضوا بعد بسياسة صحية مواطنة تضمن لهم مجانية التطبيب وتمكينهم من الدواء بأقل تكلفة، بعيدا عن نظرية كون ” المجانية لا تضيف شيئا أخر سوى مضاعفة الأزمة، وهذا منطق امبريالي جديد تعمل من خلاله البرجوازية على امتصاص قوة عمل الفلاحين والفقراء”.

ونحن في المغرب بلاد سائر في طريق النمو، كيف نقبل ونسمح ونرخص لمصحات تعنى بالصحة بحرية التسعيرة؟ فهل المواطن البسيط والمحدود الدخل والمنعدمه يستطيع دفع 4000 درهم لليلة الواحدة من أجل علاجات أولية تهيئه لعملية طبية معينة؟ وبأي ضمير يجادلك طبيب، تجده غالبا ما يشغل منصب عمومي ويعمل لساعة محددة لفائدة القطاع الخاص مقابل ملايين، من أجل تحديد ثمن عملية، وهناك عمليات طبية يطلبك فيها 5 ملايين لكن بعد إعمال منطق التدخلات تصبح مليون سنتيم… كلها أسئلة مترابطة وتعكس عدم تدخل الدولة لحماية صحة المواطن المغربي من بطش وأطماع القطاع الخاص، بل هي تساهم بشكل غير مباشر في تنمية استثماره في الصحة العمومية، ولن نقبل بكون النمو الديموغرافي عاملا لتبرير هزالة الخدمات الصحية واستئثار فئة قليلة من صلاحيات التغطية الصحية والفساد المتفشي بالمستشفيات العمومية.

ونحن نرى كفاعلين مدنيين أن الصحة العمومية تتطلب، أولا: إرادة صريحة تجسد مواطنة كاملة للمغاربة دون تمييز بشري أو ترابي، ثانيا: سياسة واضحة تضمن مجانية التطبيب وتقنن عمل المصحات الخاصة بالشكل الذي يجعلها تخضع لرقابة مؤسسات الدولة، فصحة وسلامة المواطن المغربي ليست سوقا للمتاجرة بقدر ما هي ورش حقيقي لبناء دولة العدالة الاجتماعية والمساواة، وإذا كنتم تعشقون تقليد الغرب فلكم إسوة حسنة في سياساته الصحية.

الطاهر أنسي

رئيس المركز الوطني للتنمية والوحدة الترابية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق