روبورتاج .. مساجد المغرب في رمضان..تزيُّن وزحام وثرثرة

وتتزين المساجد بحلة جديدة ومتجددة حيث يتغير شكلها إلى الأفضل والأجمل، وتتم صباغة جدرانها أحيانا، كما يأتي المتبرعون بمصاحف جديدة لتضاف إلى مصاحف القرآن الموجودة سلفا.

ولا يقف تزين المساجد في رمضان بالمغرب عند هذا الحد، بل يتم اقتناء مكبرات صوتية جديدة أكثر فعالية بغية حصول النفع الأكبر في إيصال الأصوات الطرية والندية للأئمة الشباب الذين يؤمون الناس في صلوات التراويح طيلة الشهر المبارك.

وتتجدد الحصائر والزرابي التي تُنظف من طرف متطوعين رجال في مساجد الرجال ومتطوعات نساء في مساجد النساء، وهناك من المحسنين من يقتنون فرشات جديدة بسبب اكتظاظ المساجد في شهر الصيام، خاصة في صلاة العشاء والتراويح.

ولأن شهر رمضان الحالي يتزامن مع موجة الحر في هذا الفصل القائظ، فإن الحاجة إلى مكيفات عديدة جعلت بعض المتطوعين وأهل الخير يتقدمون لشراء هذه المكيفات من أجل تسهيل أداء فروض الصلاة على الناس بسبب الازدحام الشديد في فصل الحر.

المساجد والحرارة

ويبحث العديد من المصلين عن مساجد واسعة ومكيفة بشكل جيد بسبب الحرارة المفرطة لهذا الفصل، خاصة بالنسبة للمرضى و العجزة والمسنين، أو ممن يعانون من مشاكل صحية على مستوى الجهاز التنفسي.

محمد الزعري، في الستين من عمره، يبحث عن المسجد الذي يمتلك مواصفات الرحابة والتهوية الكافية لكونه يشعر بالاختناق في الأماكن المزدحمة، ولا يقدر على التنفس بشكل سلس حين يكون ضمن مئات الناس في مكان صغير، وقد حُشرت فيه الأجساد حشرا.

لهذا، يحرص الزعري على التنقيب عن المساجد التي يصلي فيها التراويح حتى لو كانت بعيدة عن مقر سكناه، فالمهم لديه أن لا يتعرض للأذى في صحته بسبب الزحام الشديد الذي تعاني منه بعض المساجد في شهر رمضان، خاصة في صلاتي العشاء والتراويح.

ويفضل شاب آخر يعاني من مشاكل الحساسية أن يتوجه إلى المساجد التي تشتمل على فضاءات محاذية تتوفر فيها الفرشات والحصائر من أجل الصلاة التي تتم في الهواء الطلق، حيث يجد راحته في هذه المساجد التي تتوسع خارجها لكونه لا يضطر لشم الروائح التي قد تنبعث جراء الازدحام والحرارة المفرطة.

ويطالب هؤلاء المتضررون من الصلاة في المساجد الصغيرة والمزدحمة من مندوبيات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بأن تتعهد هذه المساجد، وتقوم بتوسعتها أو الإشراف على توفير سبل الراحة فيها، حتى لا يضطروا للبحث عن مساجد بعيدة تتوافر فيها تلك المقومات، الأمر الذي يجعلهم يغادرون بيوتهم في أوقات مبكرة مباشرة بعد الإفطار من أجل ضمان مكان “مريح” لهم في المسجد.

وبالنسبة للوزارة الوصية فهي تؤكد على أنها حريصة على توفير ميزانية مهمة لإصلاح المساجد وتجهيزها بالوسائل الضرورية من إنارة ومروحات وأفرشة وطلاء للجدران، علما أن معظم عمليات الصيانة الداخلية يقوم بها المحسنون، لكن إذا بلغت الشكايات الإدارات التابعة للوزارة حينها تتحرك من أجل الاستجابة لمطالب المصلين.

ثرثرة وأكل وشرب

وإذا كانت المساجد في رمضان بالمغرب تتزين وترتدي أثوابا جميلة احتفالا بهذا الضيف الغالي عند المسلمين، فإن تصرفات وسلوكيات بعض المصلين والمصليات تنقص من جمالية تلك المساجد، وتؤثر في حرمة بيوت الله وقدسيتها، وتعرضها لأن تكون بمثابة بيوت تعم فيها الفوضى والثرثرة والشرب والأكل سيما في صلوات التراويح بالنسبة لعدد من مصليات النساء.

ويحكي أحد المصلين أنه حضر يوما صلاة نشبت خلالها معركة ضارية بين بعض النساء المصليات، جعل كل من حضر المسجد يسترجع ويحوقل، فقد مرت الصلاة في غير خشوع ولا تدبر من فرط تعالي الأصوات النسائية بالصراخ والعويل وطلب النجدة والاستغاثة.

وعُرف السبب بعد أن خرج المصلون من المسجد، فقد ضبطت إحدى المصليات امرأة تتحين الفرصة لتسرق هاتفها المحمول من حقيبة يدها التي تركتها أمامها أثناء الصلاة، فتحول المصلى لحلبة من الشد والجذب استُعمِلت فيها شتى وسائل الحرب النسائية من أظافر وعض وغيرهما.

ويمكن إجمال التصرفات السلبية التي تكثر لدى بعض النساء داخل المسجد في الحديث بصوت مرتفع، أو القراءة جهرا مع الإمام، والجلوس في الصفوف الأخيرة للخروج بسرعة بعد الانتهاء من الصلاة، والامتناع عن وصل الصف واستقامته.

وترى مصليات بأنه إذا كانت أغلب النساء يظهر عليهن الوقار داخل المصلى النسائي، فإن بعضهن لا يحترمن قدسية المكان حيث تأتي مصلية متزينة ووجهها يحمل من المساحيق ما يلفت نظر النساء أنفسهن فبالأحرى الرجال، أو تأتي وشعرها عاري، ثم تبحث في المسجد عمن “يقرضها” غطاء للشعر حتى تصلي، ثم تنزعه بعد الفراغ من الصلاة وتعطيه لصاحبة المنديل، وهناك منهن من تأتي وجلبابها يصف جسدها أكثر مما يغطيه.

ضجيج الأطفال

وتزداد الحالة سوء في المسجد حين ترافق المصليات أبناءهن وبناتهن، فهذا طفل يبكي وآخر يصرخ من الجوع، وهذه مصلية ترغم ابنها على الجلوس بدون حراك، وتلك مصلية تجر أذني ابنتها الصغيرة حتى لا تلعب في المسجد وتبعثر محتوياته، فيزداد بكاء الطفل وهو يرى أن الأم التي أحضرته إلى المسجد تخنق حريته في التحرك، خاصة أنه صغير لا يميز ولا يستوعب معنى حرمة المسجد.

وهذا الواقع يجعل مصليات أخريات ممن لا يرافقن أبناءهن متذمرات من وضع كهذا، فينهرن الأطفال ويقمن بطردهم أحيانا من المسجد أو إلى الصفوف الخلفية حتى لا يشوشوا على المصلين، فيتحول المسجد إلى معارك صغيرة تخدش صف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق