سيارات الموظفين تكلف الدولة نفقات كبيرة.. ويتم استغلالها خارج إطار العمل

يستفيد المسؤولون والموظفون العموميون من مجموعة من الامتيازات والتعويضات التي تهدف إلى تسهيل مهمتهم وضمان الظروف الملائمة لقيامهم بها.

السيارات واحدة من تلك “الامتيازات” التي تخصص لتسهيل حركة المسؤولين في إطار مسؤولياتهم الإدارية، على أن تتحمل الدولة نفقاتها من تأمين وصيانة ووقود وأحيانا حتى أجرة سائقيها.

لكن، ماذا لو كانت تلك السيارات تستغل لأغراض شخصية؟ ماذا لو كانت تستعمل خارج أوقات العمل، وبعيدا عن الأهداف التي خصصت من أجلها؟

115 ألف سيارة

“التقديرات تشير إلى كون المغرب يتوفر على 115 ألف سيارة، تخصص لها 54 مليار سنتيم كمتوسط لشراء الوقود سنويا، و30 مليار سنتيم معدل مجموع فواتير إصلاحها، و9 ملايير سنتيم كمعدل سنوي لكلفة تأمينها” يقول رئيس الشبكة المغربية لحماية المال العام، محمد المسكاوي، الذي يشير إلى “عدم توفر إحصاءات رسمية حول عدد السيارات الموضوعة رهن إشارة مختلف الموظفين والمسؤولين العموميين”.

وأوضح المسكاوي، أنه في إطار تتبع الشبكة التي يرأسها لـ”ملفات نهب وتبذير المال العام” فقد تم تسجيل “الاستعمال المفرط لسيارات الدولة خارج أوقات العمل الرسمية وعطل نهاية الأسبوع”.

واعتبر المسكاوي أن النفقات المخصصة لتلك السيارات “تتنافى والخطاب الحكومي الداعي إلى ترشيد النفقات اليومية للإدارة المغربية، خاصة وأن بعض الموظفين الكبار يحصلون على تعويضات التنقل وعلى السيارات أيضا”.

وقدم المسكاوي مجموعة من المقترحات، التي يرى أنها قد تسهم في ترشيد استعمال سيارات الدولة، إذ أكد على “ضرورة سحب تلك السيارات من الموظفين الذين يحصلون على تعويضات التنقل، وإحياء مبادرة حكومة التناوب عبر بيع جزء من سيارات الدولة ذات الاستعمال الفردي، إلى جانب إصدار مذكرة مشتركة ما بين وزارة العدل ووزارة الداخلية قصد توقيف، وحجز كل عربات الدولة التي تستعمل خارج أوقات العمل وبدون إذن خاص من أجل المصلحة العامة”.​

في الشواطئ والأعراس

الأمين العام لـ”الشبكة المغربية لحقوق الإنسان والرقابة على الثروة وحماية المال العام”، عيسى عقاوي، أكد بدوره على أن الدولة تخصص “اعتمادات مهمة” للسيارات المخصصة لمختلف الموظفين والمسؤولين التابعين للإدارات العمومية، سواء “من أجل اقتنائها أو إصلاحها أو من أجل الوقود الذي تستهلكه في مختلف تنقلاتها”.

وأكد عقاوي، أن “نسبة مهمة من السيارات التابعة للإدارات العمومية تستغل لأغراض غير إدارية” متسائلا بسخرية “كم من سيارة مسؤول تستغل لإيصال الأبناء إلى المدرسة والزوجة إلى السوق؟!”.

وأشار عقاوي إلى أن الدولة “لجأت في فترة معينة إلى تقليص عدد السيارات مقابل تقديم تعويضات مالية للموظفين على أساس استغلال سياراتهم الخاصة، كما تم اللجوء إلى كراء السيارات” غير أن هذا الإجراء، حسب المتحدث نفسه، “جاء بنتائج عكس المتوقعة”.

“كثيرا ما نرى سيارات في الشواطئ أو الغابات وسيارات تستغل في بعض المناسبات كالأعراس” يقول عقاوي، الذي شدد في تلك الحالات على ضرورة تدخل السلطات في عين المكان وذلك بمجرد اكتشافها لتواجد سيارة تابعة للدولة في مكان لا يبدو من خلاله أن الأمر يتعلق بمهمة إدارية.

استعمال عام أو خاص؟

القيادي في حزب العدالة والتنمية، والبرلماني السابق عن الحزب نفسه، عبد العزيز أفتاتي، أشار من جانبه إلى أن استغلال سيارات الدولة لأغراض شخصية من “المؤشرات الدالة على انتشار الفساد” على حد تعبيره.

وتابع أفتاتي معلقا على عدم اكتمال بعض الإجراءات التي جرى الحديث عنها في عهد حكومة عبد الإله ابن كيران، لترشيد استعمال تلك السيارات، بالقول إن “الفساد المتجذر في الإدارة ومختلف المؤسسات يهزم أحيانا حتى النخبة الحزبية الإصلاحية”.

وشدد المتحدث على ضرورة “توفر إرادة حكومية” من أجل ترشيد استعمال تلك السيارات، مشددا أيضا على ضرورة سن إجراءات “رادعة” للمسؤولين الذين يستغلون سيارات الدولة لأغراض شخصية وخارج أوقات العمل.

كذلك دعا أفتاتي إلى “فضح” المسؤولين الذين يستغلون سيارات الدولة لأغراض شخصية، إذ قال: “يجب على الناس التبليغ عن هذه التجاوزات وتصويرها ونشرها حتى يتم فضح هؤلاء”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق