مدونة التعمير الجديدة تتجهُ إلى فرض الاستعانة بالتقنيين والمهندسين

soussplus-عمارة-225x300

شكلَ اهتداءُ المجلس الحكُومِي، نهايةَ مايْ الماضِي، إلَى حزمة جديدة من الإجراءات ذات الصلة بمسطرة البناء في المغرب، مسعًى جليًّا إلى مواكبةً العددِ الكبير لأوراش السكن الاجتماعِي، التِي يتمُّ إنجازُهَا فِي الوقتِ الراهن، في كافة ربوع البلاد. فبعدما ظلتْ الإجراءات المؤطِّرة للبناء حجر عثرة أمام تطور القطاع. تأتِي الإجراءات الحكوميَّة الجديدة لتبدي عزمها تسبيط المساطر الإداريَّة وتوسيع دائرة المراقبة، بالتصدِي للبناء العشوائِي، وتعزيز الشفافيَّة والمنافسة بينَ الفاعلين في القِطاع.

مجمُوعة أكسفورد بيزنس، أفردتْ لإشكال البناء فِي المغرب تحليلاً، خلُصَ إلى أنَّ قطاع التعمير في الممكلة، ظل محدداً بظهائر وتشريعاتِ متناقضة في بعض الأحيان، كما أنَّ عدة سلطات عموميَّة تقاسمت الأدوار في مسطرةً بيروقراطيَّة، تدرجت من المحلِي إلى الوطني.

والأدهَى من ذلك، أنَّ الأجهزةً التِي كانتْ مكلَّفَة لم يكُنْ دورهَا محدد بدقة، شأنَ الوظائف المنوطة بها، كتلك المتعلقة بمراقبة الأوراش وتفتيشها، والترخيص لها في مرحلة سابقة. بحيث كانت المسؤولية فيها متقاسمة بين عدة فاعلين. على نحوٍ يبعثُ على الحيرة، حسبَ عددٍ من فاعلِي سوق العقار بالمغرب.

وبما أنه كان من المفترض أن تخضع المشاريع الممولة من قبل الدولة للمراقبة، عبر توظيف الأجهزة العموميَّة المكلفة بذلك لتلك الغايَة، فإنَّ غياب مدونة وطنية موحدة تحدد شروط التعمير، أفضَى حسب تحليل “أكسفورد”، إلى فتحِ الأبواب على مصراعيهَا أمامَ التدبير الذاتِي للكثير من المشاريع، فلجأ بعض المنعشين العقاريين، على سبيل المثال، إلى مدونة التعمِير الفرنسيَّة. وحالَ دونَ التصدِي لظاهرة البناء العشوائِي، التِي وجدت ظالتها في الفراغ التشريعِي والتنظيمِي الحاصل.

من بين الإجراءات المهمَّة التِي أتخذها المغرب، في سبيل عقلنة المساطر الإداريَّة، يأتِي نظام الشباك الوحيد للحصول على رخص البناء، الذِي انتشر منذُ 2011. بعدما أظهرَ تقرير “Doing Business’، الذِي أصدرهٌ البنكُ العالمِي، أنَّ الحصول على رخصة بناء، في المغرب، خلال 2012، ظلَّ يستدعِي 15 إجراءً، ومدة انتظار تبلغُ 97 يومًا في المتوسط، بخلافِ 16 إجراء و163 يومَ انتظار، في 2011.

في غضون ذلك، من المنتظر أن تعمدَ مدونة التعمير الجديدة إلى توسيع دائرة نظام الشباك الوحِيد. وتعميمه ليشملَ كافَة المدن، بتأمين شبَّاكٌ لكل 500 ألف نسمَة، في نهاية المطاف. أمَّا المناطق الصغيرة التي يقلُّ عددُ سكانها عن 500 ألف نسمة فسيُعهدُ بأمرها إلى لجان إقليميَّة تتلقَّى طلباتها. ليغدُوَ الشباكُ الوحيد بذلك، الجهة الوحيدة المكلفة بتلقِّي الطلبات، على أنْ يتم تقليص عدد الإجراءات التي كان من المتوجبُ سلوكها للحصول على رخصة بناء.

موازاةً مع ذلك، ستجعلُ المسطرةُ الجديدة للبناء اللجوءَ إلى أهل الاختصاصِ خطوةً لا محيد عنها، من قبيل الاستعانة بالمهندسين المعماريِّين، ومكاتب الدراسات التقنية، ومعتمدِي الرقابة. بعدما ظلَّ اللجوء إلى الخبراء التقنيين إجباريًا في حالة العقود العمومية فقط، أو العقود الخاصَة الموجهة للمجال العام.

إلى ذلكَ، يوسعُ إجراء تشريعي آخر، بموجب قانون 66-12، المحدد لمسطرة البناء، تمَّ تبنيه في الثالث وَالعشرين من مايْ، (يوسعُ) من صلاحيات السلطات، من ناحية المراقبة واتخاذ الإجراءات الزَّجريَّة في حق المخالفين. سيما أنَّ البناء العشوائِي، سواء تعلق الأمر بالبناء دون أيَّة وثيقة أو عدم احترام المبنى لمعايير الجودة، أرَّقَ المغرب على الدوام.

فبعدما أبان الزلزال الذِي ضربَ مدينة الحسيمَة، سنةَ 2004، عن تبعاتِ عدم احترام الشروط اللازمة للجودة في عملية البناء، استرعَى المأساةُ انتباهَ المسؤولين إلى البناء غير القانونِي، وضرورة اتخاذ إجراءات لمعالجته، فأطلقَ المغربُ برنامجَ “مدن بدون صفيح”، سنة 2004، لإزاحة مدن الصفيح من 84 مدينةً، وإعادة إيواءِ 340.000 أسرة في مناطق حضريَّة جديدة. وحسب إحصاءاتٍ رسميَّة فإنَّ 230.000 أسرةً تمَّت إعادة إيوائها ما بينَ سنتَيْ 2004 وَ2012.

هسبريس – هشام تسمارت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق