الكلاب الضالة وضالة الكلاب بتيزنيت

موسم البرد هو الموسم الطبيعي لتكاثر الكلاب في الطبيعة، وذلك لان غريزة التزاوج بين الإناث والذكور منها تنشط في مثل هذه الفترة من كل سنة، ومن الطبيعي أن نجد منها قطعانا تتجمع فيها الذكور حول الإناث طلبا لإشباع الغريزة التي أودعها الله فيها حفاظا على استمرار النوع.

ويبقى الخلاء ومحيط مراتعها في المزابل ومرمى القمامات في الطبيعة البعيدة عن التجمعات البشرية هي المكان المفضل لهذه الكائنات لممارسة طقوسها تلك. هذه الحقيقة تبقى ثابتة وصامدة ما بقيت معطياتها كذلك ثابتة، إلا أنه متى لم تجد الكلاب مزابل ونفايات تتغذى عليها بعيدا عن التجمعات البشرية فحينها لن تجد قطعان الكلاب تنتظر في الخلاء من يأتيها بعد أن ينال منها الجوع والبرد، بل تنتقل بغريزتها الأخرى التي تدفعها للبحث عن موائدها وتلك الأزبال حيثما كانت، وهناك بالطبع بعد أن تمتلئ بطونها ستنشط في عين المكان للقيام بعروضها الجنسية وحفلاتها الجماعية كما سلف الذكر.

مناسبة هذا التذكير لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو مسؤول عن أمن وسكينة وطمأنينة أهل المدينة بكل فآتهم، هي ـ أي المناسبة ـ ما خلفه الحادث المأساوي الذي تعرض له طفل صغير بحي اليوسفية أفراك نهاية الأسبوع الماضي حيث هاجمه أحد الكلاب وتسبب له في جروح خطيرة، استتبعت رحلة له ولعائلته معه بين المستشفيات المحلية والجهوية والوطنية. ـ قلت المناسبة هي ـ ما خلفه هذا الحادث من تداعيات إعلامية وتصريحات مسؤولين بالجماعة والقطاع الصحي وصوم آخرين عن الكلام خاصة من السلطات المحلية، وكان الجميع ممن تكلموا في الموضوع يرددون وصف الضلال على الكلب الذي اقترف ما أصاب الطفل احمد، ومنهم من جاء بصيغة الجمع فحكم على قبيلة الكلاب بالضلالة. فهل حقا نحن بصدد كلاب ضالة أم بصدد كلاب وجدت في المدينة ضالتها؟ تقليب الأمور والنظر إليها من جوانب شتى تجعلنا نستبين الحقيقة.

بالله عليكم ماذا سيجعل الكلاب تختار التوغل في شوارع مدينة، لتغامر بحياتها وتترك مجالاتها الفسيحة في أحواز المدينة وأطرافها؟. ما الذي سيدفعها لذلك سوى إيجادها وسط المدينة لما تفتقده هناك من أزبال وقمامات ونفايات، وبقايا عظام ولحوم من فضلات الجزارين وبائعي لحوم الدجاج وبائعي الأسماك. بل وأوعية مملوءة ببقايا طنجرات المقاهي والمحلبات مما عافه الزبناء ولم يعد من الممكن إعادة تسخينه ليصير قابلا للأكل، فرائحته وذوقه وحموضته تفضح صاحبه.

نعم هذه حقيقة حب هذه الكلاب غير الضالة لتيزنيت وشوارعها ومسؤوليها وتجارها، فهي ليست ضالة بل وجدت في المدينة ضالتها وهؤلاء من يدعونها يوميا ويجتهدون طيلة اليوم كل في مجال اختصاصه ليهيئوا لها مأدبتها الليلية.

وصدقت الحكمة القائلة ( الكلب لا يحلم إلا بالطعام./ مثل روسي )، ( عندما يتوقف اللص عن السرقة، يتوقف الكلب عن النباح. / هولاندي ) وكأني بكلب يرد على سائله: ما الذي يبكيك؟ قال:” سمعتهم يقولون الذي خان الوطن كلب ضال وأنا لا أخون ولا بيوم أعرف الضلال الكلب أوفى من بعض البشر الذين باعوا واختاروا الضلال ….”

ع.ب لتيزنيت24

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق