روبورطاج : تيزركان ..معلمٌ تاريخي محصّن على صخرة

timthumb

على صخرة بعلو 1250 مترا، وهي أشبه بفوهة بركان خامد، ما تزال قصبة تيزركان قرية محصنة على قمة جبل على مقربة من بلدة إداوكنضيف، جنوب غرب أكادير.

يشرح الباحث المغربي أحمد أوموس، مدير النقوش الصخرية بوزارة الثقافة، أن الرواية الشفوية تقول إن “اسم “تيزركان” (مفرده أزرك) يعود إلى كون المنطقة تشتهر في الفترة الوسيطة (القرن الـ13) بصناعة الطواحين الحجرية التقليدية، وهناك من يقول إن أصل المعلم (القلعة) مخزن جماعي، وبه مطاحن حجرية تقليدية”.

files8

و”تيزركان” كلمة أمازيغية مركبة من كلمتين “تيزي” و”أوركان”، تحيل على معنيين. الأول: قلب ثمرة الأركان (ومنه يستخرج زيت يحمل اسم الشجرة)، والثاني صاحبة الطاحونة (أدوات حجرية تستعمل لطحن الحبوب ولب شجر الأركان واللوز).

ويضيف أوموس: قصبة تيزركان من المآثر المصنفة لدى وزارة الثقافة نسيجا معماريا قديما، ما يزال يحتفظ بخصائصه من حيث المواد المحلية المستعملة في بنائه وهندسته، ومن حيث توظيف المجال.

 ويواصل شرحه: المعلم قرية محصنة محاط بسور من حجر صلد في شكل هرمي، والسور محاط بالشوك الذي يلتصق بحافة الجبل، لها مدخل واحد يعلوه برج مطل على الجهة التي تخترقها الطريق بحيث يمكن من مراقبتها على مسافة طويلة.

في جولة بداخلها، يلحظ الزائر مبانيها المتراصة في شكل دائري يحيط بها ممر ضيق، ثم سور يصل متوسط علوه 1.20 متر ملتصق بحافة الباب، يغلق قبل صلاة المغرب ولا يفتح تحت أي سبب حتى الصباح.

قرب مدخل المعلم بنيت غرفة خارجية تسمى “أخربيش”، يستعملها للمبيت عابرو السبيل أو أبناء القرية الذين تخلفوا عن الدخول إلى القرية  قبل موعد إغلاق الباب.

ويضيف مرشد قصبة “تيزركان”، عبد الرحمان، خلال جولة مراسل موقع “لكم” بالقلعة: تتكون من طابقين، السفلي مخصص لإيواء الماشية، والأول للأشغال المنزلية والحرفية، والثاني للسكن.

لكل دار منهما بابان منفصلان، الأول لدخول الطابق السفلي المخصص للماشية، والثاني أعلى ببضع درجات لولوج الطابقين العلويين. وتنطلق جدران البيوت مباشرة من مستوى الأرض دون أساسات محفورة.

 ويؤكد مرشد القلعة، على أن “بناءها مشيد في شكل طبقات أفقية من الحجارة المهندمة والمختلفة الأحجام، بها نوعان من الجدران، حاملة وفاصلة”.

يقول عبد الرحمان: يتميز الصنف الأول بسماكته، حيث يرتكز على قاعدة عريضة ويأخذ سمكها في التقلص تدريجياً باتجاه الأعلى لكن دون أن يقل عن نصف متر.

files

طبيعة هذا البناء المحلي، الذي ما يزال يحتفظ بقسماته النابضة وصلابته، يساهم في دفء الدور والبيوت في فصل الشتاء، بحسب شهادة عبد الرحمان مرشد القلعة.

ويوضح مرشد القلعة، أن السر في ذلك “كون الطين الممزوج بالجير استعمل كبلاط لشد أحجار البناء وكطبقة عازلة لمقاومة الأمطار والرطوبة فوق السطح، كما استعمل خشب الأركان للتسقيف وكإطار للعتبات، وهو يدخل في تركيب الأبواب والنوافذ، وهو ما جعلها تقاوم عوادي الزمن لقرون”.

ورغم بدائية المواد والتقنيات المستعملة في بنائها، فإنها تنم عن حس فني في طريقة ترصيص الأحجار وترتيبها، التي تصل إلى مستوى لوحات زخرفية متقنة في بعض الواجهات، وكذا ترتيب ألواح التسقيف، بحسب أوموس.

files7

ومن أجل إعادة إحياء القرية وتنميتها والمحافظة على تراتها، بادر ناشطون إلى تأسيس هيئة مدنية تحمل إسم “تيزركان” بدعم من مهندسين معماريين مهتمين بالتراث المعماري التاريخي المغربي، حيث خصص فضاء للإيواء والمطعمة والسياحة.

 يقول رئيس جمعية “تيزركان” جمال موصلي، لموقع “لكم”: هدفنا الحفاظ على هذا المعلم القديم من الضياع والخراب، وإعادة الاعتبار له بترميمه وإنعاشه.

 وأضاف قائلا: يتم هذا بدعم من فعاليات مدنية محلية ومؤسساتية.

وتم ترميم معالمها، المكون من 35 دارا يحيطها سور وبه مرافق عامة، من قبل وزارة الثقافة بقيمة تتجاوز المليون درهم

سعيد اهمان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق