يوميات مستشار في التوجيه التربوي : جزاء سنمار ! بقلم محمد أزرور

azrour

″ كلكم شفارة اولاد…″ اتهام رخيص واغتيال للحياء في واضحة النهار. من توقيع تلميذ مجهول.

أين ؟ بالحبر الصيني على الواجهات الأمامية والخلفية للسيارات المركونة أمام المؤسسة التعليمية. سياراتنا المتواضعة جدا !

المناسبة ؟ اجتماع إقليمي حول المسالك المهنية بالثانوي الإعدادي والباكلوريا المهنية بالثانوي التاهيلي.

الحضور : المدير الإقليمي واطر التوجيه والتفتيش ومدراء المؤسسات التعليمية وجمعيات الآباء وممثلين عن المجتمع المدني وبعض المكونين ومديري مراكز التكوين المهني بالاقليم.

التعليق : لاشيء. انظر الصورة أسفله.

المفارقة المضحكة : النقاش المستميت حول سبل إنجاح المسالك والباكلوريا المهنية لتنويع العرض التربوي وضمان هامش كبير للاختيار والتوجيه للتلميذ.

لكن…″ كلكم شفارة اولاد…″…ومن توقيع تلميذ مجهول تستفزك رغما عنك وتذكرك بعبثية بعض المواقف في الحياة التي طالما ذكر بها الكاتب الفرنسي من أصول جزائريةAlbert Camus  في جميع مؤلفاته الغزيرة وعلى رأسها روايته المشهورة ″ الغريب ″ L’Etranger.

غريب أمرنا وغريب أكثر أمر هذا النظام التربوي ″ العصي على الفهم ″…

تنتقده بدافع الغيرة والوطنية المحمومتين فينقض عليك جيش اليكتروني تدرب على جميع فنون القتال الشفهي من سب وقذف و…للهروب من السجال الفكري الهادئ…تبتلع لسانك بذهول وأنت تقرا التعليقات الرخيصة والشتائم الحقودة التي تفوح منها رائحة الحسد والتكبر…( انظر التعاليق على اليوميات السابقة)

تستعيد رباطة جأشك وتستمر مع ذلك في التعبير عن رأيك بحرية كفلها لك الدستور طالما انك لا تخوض في المقدسات أو تنتهك الأعراض…لتفاجأ بعد ذلك بسلسلة من الاستفسارات في العمل والعراقيل تحركها أياد خفية تعرفها جيدا، لكنها الفت التحرك في الظلام كالخفافيش.

تمسك عن الكتابة لفترة من الزمن عل هذه الكائنات الليلية تنسى أمرك قليلا. هراء !

وكان الحلقة لم تستحكم بعد، تفاجأ وأنت خارج من الاجتماع بهذه العبارة اللقيطة على الواجهة الخلفية لسيارتك ″ كلكم شفارة اولاد…″ ومن توقيع تلميذ مجهول. يعرفك ولا تعرفه.ربما ! أو لنقل يعرفك من حرضوه ولا تعرفهم. ربما !

عبارة لقيطة من فكر لقيط يريد أن يغتصب البقية الباقية من أحلام جنود الخفاء الشرفاء العاملين بصمت من اجل واقع أفضل لأبناء هذا الوطن. وما أكثرهم ! لكننا لا نراهم لأنهم منشغلون بالعمل عن الظهور والكلام.

( هل سمعتم يوما بفلاح يجاهر أو يثرثر حول زرع الأشجار أو حرث التلال والسهول؟)

″ كلكم شفارة اولاد…″

حكم قيمة خارج عن القيم وتعميم وقح لا يستثني أحدا.

الكل متهم إذن والكل مشكوك في نسبه. وممن ؟ من تلميذ غاضب مجهول.

السؤال هو: من أين كون هذا التلميذ تلك النظرة الحانقة على النظام التربوي ؟

قد يظن البعض أن هذا السلوك عادي جدا ولا داعي للتضخيم. الدليل، ما يكتب على طاولات الدراسة يوميا أو في المراحيض. لكن التلميذ هو الشجرة التي تخفي الغابة. قد تكون غابة شجر الاركان الآمنة أو غابة استوائية تعج بالأفاعي والحشرات القاتلة.

أصدقاء فاشلون. آباء يائسون. أعداء متربصون…من يدري ؟

للأسف النتيجة واحدة…″ كلكم شفارة اولاد…″

اشغل محرك السيارة ومرارة الخزي والعار تعتصرني. أعود أدراجي مسافرا إلى البيت تحت جنح الظلام…لحسن الحظ كان الوقت ليلا.

محمد ازرور

مستشار في التوجيه التربوي

azerour

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق