في ضيافة الجحيم .. مذكرات أسير مغربي في معتقلات البوليساريو 1

مذكرات

عمر بوسنة الرجل المراكشي الذي جعله التجنيد الاجباري في بداية السبعينات يعشق الجندية، فانخرط في القوات المساعدة ليجد نفسه اسيرا لدى جبهة الانفصاليين.. 
عمر بوسنة، واحد من 56 أسير من ابناء مراكش مازالوا يلتقون كل أسبوع بباب الجديد يستحضرون تلك السنوات الطوال التي كانت بالنسبة اليهم جحيما وسعيرا..
عمر بوسنة، حكاية لمأساة انسانية، يحكيها عمر للاتحاد الاشتراكي من خلال هذه الحلاقات، حيث يكشف عن جرائم البوليسرايو ضد الانسانية.. عن وحشيتهم في مخيمات ومعتقلاتهم حيث القتل، والتعذيب والاغتصابات الجماعية للمحتجزات، ورمي جثث ضحاياهم للكلاب والذئاب والوحوش الضارية..
أول يوم فتحت فيه عيناي في هذه الدنيا كان بتاريخ 10 أكتوبر 1951 بدرب أسنان بحي لمواسينبالمدينة العتيقة بمراكش ، حيث كانت مناسبة عظيمة أرّخها والدي السيد أحمد بوسنة بن محمد ووالدتي السيدة مينة بنت امبارك رغم ضيق ذات اليد بإقامة وليمة حضرها جميع أفراد عائلتي بعد ذبح كبش العقيقة تقربا إلى الله، وأطلق علي اسم عمر بوسنة ، وقد نشأت في أسرة فقيرة ، مما جعلنا نتنقل بين دور الكراء بعدد من أحياء المدينة الحمراء ، الشيء الذي أرخى بظلاله على حياتي التي لم تعرف استقرارا في بداية مشواري الدراسي ، حيث انتقلت بين عدد من المؤسسات التعليمية ، فمن مدرسة حي عرصة الحامض الابتدائية إلى مدرسة الطرومباطي بحي عرصة لمعاش ، ثم انتقلت لمتابعة تعليمي الثانوي الإعدادي بمؤسسة ابن البناء الإعدادية بنفس هذا الحي إلى أن وصلت إلى مستوى السنة الثانية أنذاك من التعليم الإعدادي فانقطعت عن الدراسة سنة 1967 بسبب عدم قدرة والدي على تسديد مصاريف دراستي ، فتعاطيت إلى العمل مع أصحاب ( السيرك ) وألعاب تسلية الصغار والكبار في المعارض الترفيهية ، بعدها التحقت بصفوف القوات المسلحة الملكية عندما توصلت باستدعاء للتجنيد الإجباري سنة 1972 ، حينها عينت في اللواء الخفيف للأمن العسكري بثكنة حي العكاري بالرباط ، وقد قضيت فيها مدة أربع سنوات ، حيث غادرتها يوم 16 أكتوبر 1976 ، وعدت إلى مدينتي مراكش ، وذات مرة وأنا أتجول بالأحياء المجاورة لساحة جامع الفنا بصرت عيناي حشدا كبيرا من الذكور الشباب في صفوف متراصة أمام مستشفى رياض الموخة ، مما أثار فضولي فاقتربت منهم لمعرفة ما يجري بهذا المكان ، حيث سمعت أذناي على أن هؤلاء شباب من نواحي إقليم مراكش يجرون فحوصات طبية من أجل الالتحاق والعمل داخل صفوف القوات المساعدة ، فتقدمت عند مسؤول كبير من هذه القوات كان يتواجد بعين المكان ، فأخبرته بأن لي رغبة في العمل بين صفوف رجال القوات المساعدة بعدما قدمت له بطاقة تثبت على أني كنت ضمن صفوف القوات المسلحة الملكية مدة تجنيدي الإجباري ، ولم يتردد في قبول طلبي هذا على الفور ولو أنه كان بطريقة شفوية ، حيث نُدي علي دون أن أجري أي فحص طبي لتلقي بعض التداريب بمركز رجال القوات المساعدة بمدينة سيدي إفني بتاريخ 01 يناير 1977 ، وعندما التحقت بهذا المركز تم اختياري ضمن 12 رجلا بالضبط كلهم مراكشيون ممن أثبتوا على أنهم كانوا في التجنيد العسكري لمساعدة المدربين في تكوين الشباب الملتحقين الجدد بصفوف القوات المساعدة ، ولما انتهت فترة تدريب هؤلاء الشباب تم نقلي شهر أبريل من سنة 1977 إلى قيادة بمنطقة سيدي جابر اعوينات التابعة إلى دائرة بني ملال ، حيث عملت في هذه القيادة مدة ثلاث سنوات ، بعدها انتقلت للعمل بثالث (مخزن موبيل) بزاوية الشيخ بطانطان خلال شهر غشت 1979 ، وعدت بعد شهرين إلى إقليم أزيلال حيث عينت بمنطقة تسمى أيت بو?ماز ، وقد عملت فيها ما يزيد عن ثلاث سنوات ، وفي سنة 1986 جاءني نبأ وفاة والدي رحمه الله فطلبت من العمالة مساعدتي على الانتقال إلى أي مقر عمل يوجد على مقربة من سكنى عائلتي حتى أتمكن من أداء الواجب العائلي نحوها بعدما توفى والدي ، فقامت العمالة بتنقيلي إلى أيت أعتاب ، حيث عملت بها مدة شهرين ثم جاءني انتقال آخر للعمل بالوحدة الثالثة المسيرة الخضراء « CMV « بالمنطقة الجنوبية بصحرائنا ، وكنت أحمل أنذاك الرقم 77/02 في صفوف القوات المساعدة المغربية ، حيث كلفت أياما قليلة بالحراسة ، بعدها عينت في مهمة ( بوست راديو ) رقم 77 الخاص بالأعمال اللاسلكية ..
 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق