أنزي: إدرنان… عادة توارثها أيت سوس و توجت بملتقى سنوي.

IDDERNAN

يستعد دوار إكروما بجماعة أنزي، و معه باقي الدواوير المجاورة، يومي: 08 و 09 أبريل 2016، لاحتضان الدورة الثالثة لملتقى أدرنان، تحت شعار:”إدرنان عمق ثقافي و تراث متجدد” ، ضمن تظاهرة تراثية غنية بأعراف و طقوس دينية و اجتماعية تأبى الإندثار، لكونها أصبحت مكونا أساسيا يغذي بشكل متمايز الإحتفال بعادة عريقة بمنطقة سوس ألا و هي “إدرنان” التي تحمل من الدلالات الرمزية الشيء الكثير، فهي ترمز إلى علاقة الإنسان الأمازيغي بالأرض، ومدى قوة وقدم استقراره بالمجال.
رغم اختلاف المؤرخين و الباحثين عن أصل و تاريخ عادة إدرنان، إلا أن عدد منهم يؤكد أن تاريخ بدايتها يعود إلى أواسط القرن الثالث عشر الهجري حين طالب الشيخ أعجلي محمد و هو أحد رجالات قبيلة إداوبعقيل، أهل القبيلة بالتواصل فيما بينهم في إطار عادة “إدرنان” بغية إتاحة الفرصة للمقاومين للالتفاف على الحصار الضارب آنداك على المنطقة من طرف المستعمر البرتغالي و ضمان التواصل بينهم قصد التوصل لخطة و تكتيك فعال لمقاومة المستعمر، و العديد من الباحثين في مجال العادات و التقاليد يؤكدون هذه الرواية في كثير من المناسبات.
لكن ماهو التقويم الزمني الذي يتم فيه الإحتفال و إحياء هذه العادة؟ الجواب خلال إطلاعنا على مجموعة من البحوث و الدراسات المنشورة في عدد من المنابر تؤكد أن الإحتفالية تدوم شهرين متتابعين، و تتناوب القرى و القبائل على الإحتفال بها ثلاثة أيام في الأسبوع (الخميـس، الجمعـة و السبـت) وذلك وفق برمجة محددة تاريخيا وضعها الأجداد واحترمها الأحفاد.
و في هذه المناسبة تحرص النساء الأمازيغيات على إعداد هذا طبق إدرنان الذي يشكل مظهرا للافتخار بالعادات والتقاليد النابعة من التراث المحلي العريق، و عدد من الوجبات الرئيسية يلتف حولها أفراد العائلة و الضيوف في أجواء احتفالية تسودها الفرحة والدفء والترابط الأسري. فخلال ثلاثة أيام متتالية من الإحتفال بإدرنان، لا يكاد يخلو بيت سوسي من هذا الطبق الذي هو عبارة عن طبق رئيسي في مثل هذه المناسبات.
لكن لماذا ملتقى “إدرنان”؟ الجواب على لسان “جامع باني”، رئيس جمعية النهضة الإجتماعية و التعاون بإكروما، و الهيئة المشرفة على تنظيم الدورة الثالثة لمتقى إدرنان، الذي يؤكد أنه إنطلاقا من دورنا وعينا الراسخ و المتمثل في ضرورة المحافظة على الموروث الاجتماعي المحلي الأمازيغي و جعله متوارثا عبر الأجيال وفق أعراف و طقوس دينية و اجتماعية لإتاحة التواصل بين مختلف القبائل و المداشر بمنطقة سوس” مضيفا أنه ” في ظرف ثلاثة سنوات و بغض النظر عن إمكانياتنا البسيطة جدا أثبت ملتقى إدرنان موعد ثابت في الأجندة التراثية و الثقافية بدائرة أنزي”.
و أبرز ذات المتحدث أن الإهتمام بهذه العادة العريقة في تاريخ أمازيغ جنوب المغرب يندرج ضمن اعتناء المغرب بمجال الثقافة باعتبارها رافعة أساسية للتنمية الاقتصادية و السياحية” مشيدا “بانخراط جل الفاعلين و المهتمين في هذا المشروع الهام بهدف إبراز خصوصيات الموروث الثقافي الأمازيغي السوسي، لاسيما في ظل الإهتمام الرسمي بالتراث اللا مادي.
و يسعى منظمو ملتقى، فضلا على هذا الإيمان الراسخ بأهمية الحفاظ على الموروث المحلي و نقله للأجيال اللاحقة، إلى جعل الملتقى لبنة أساسية في توثيق صلات الرحم و العلاقات الاجتماعية و تمتين روابط التضامن و التكافل بين الساكنة المحلية و جعلها نموذجا يتم من خلاله الحفاظ على الأبعاد التراثية و الإنسانية و التنموية للمنطقة.
و ستعرف هذه الدورة على غرار سابقاتها و التي ستستمر خلال يومي: 08 و 09 أبريل 2016 بدوار إكروما، مجموعة من الفقرات الإجتماعية و الثقافية و الفنية و الرياضية، فضلا عن تكريم بعض الفعاليات التي أعطت ومازالت تعطي الكثير في مجال التنمية المحلية.
و هكذا سيتم تنظيم النسخة الأول من “الصالون الأدبي” الذي سيعرف مشاركة عدد من أعمدة الفن الأمازيغي و شعراء أسايس، بغرض عرض وجهات نظر و تصورات مستقبلية حول تطوير الأعمال الفنية و الأدبية الأمازيغية، و كذا تبادل المعلومات و التجارب ذات الصلة بالميدان، و وعيا من اللجنة المنظمة للملتقى بضرورة النهوض و دعم اللغة الأمازيغية برمجت خلال هذه النسخة ورشات في “حروف تيفيناغ الأمازيغية” لفائدة تلميذات و تلاميذ المجموعات المدرسية المتواجدة بدائرة أنزي، و التي ستتوج بجوائز مهمة للمتفوقين في ورشة الإملاء بالأمازيغية.
كما ستعرف فعاليات هذه السنة عرض فيلم سينيمائي أمازيغي لجمعية محترف تيفاوين للثقافة و الفن و عرض فيلم قصير لمنظمة ماتقيش ولدي و حكايات للأطفال مستوحاة من التراث الأمازيغي و عروض حول الاقتصاد التضامني و الاجتماعي و عروض حول تثمين التراث بتأطير من جمعية كنوز و فقرات تنشيطية أخرى يتخللها عرض “أنوال إدرنان” إضافة إلى أنشطة رياضية كالسباق على الطريق و كرة القدم، فضلا عن ثلاث سهرات فنية كبرى سيحييها كل من: الرايس حسن أرسموك، الرايس الحسن الطاوس، مجموعة بيزنكاض الحسن و مجموعة إمراين…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق