الحلقة الثالثة والاخيرة، من سينما اومبيرEmpire

حسن إدحجي

دامت الاستراحة دقائق،تحولت القاعة السينمائية،الى مطعم شعبي،تصاعدت أدخنة السجائر الرخيصة،ورائحة مخدر الكيف،الذي يدخن في الزوايا المعتمة،واختلطت بروائح ساندويتشات با براهيم ،التي تفوح من كل زاوية من القاعة،اكثر وجباته السريعة،يهيئها من السردين المقلي،او من سمك التون،مع سلاطة الطماطم و البصل،مع الكثير من التوابل،و الفلفل الحار،”لحرور”٠٠انطفأت الاضواء مجددا،وانطلق العرض الثاني،فرغت بعض الكراسي،تسللت الى احدها،بعد أن استأذنت ،جلست ،شعرت براحة كبيرة،قدماي متعبتان من الوقوف طوال الفيلم الاول،ظللت ابتهل الى الله،ألا يعود صاحب المقعد،كان الفيلم من نوع رعاة البقرCowboy،ماكاد الفيلم يبدأ حتى شرع شخص يجلس خلفي،في سرد احداث الفيلم على رفيقه،كنت أتلقى الأحداث سماعا، قبل ان تظهر على الشاشة،انزعجت كثيرا،تساءلت كيف يقبل ذاك المعتوه، ان يقص عليه رفيقه احداث الفيلم،بينما تقوم الشاشة بالمهمة ؟ضاع بعض التشويق و الإثارة بسبب هذين الجليسين الثقيلين،تدور وقائع الفيلم في بيئة صحراوية قاحلة،مطاردة رعاة البقر،بزيهم المعروف،خاصة قبعاتهم الشمسية الكبيرة،تتدلى من خاصرتهم مسدسات ،يمتطون صهوة خيول قوية،تركض باقصى سرعة،كانوا يطاردون هنودا حمرا،لم تكن المعركة متكافئة،مسدسات وبنادق، في مواجهة،أقواس، و سهام و رماح٠٠كنا نصفق لرعاة البقر، و هم يسحقون الهنود الحمر،ظللنا نعتبرهم همجا و متوحشين،هكذا علمتنا السينما الامريكية،لم نتعاطف يوما معهم٠٠عندما كبرنا، اكتشفنا الحقيقة، كنّا مخدوعين…استمر العرض،وسط الضجيج ،،ضحكات الحاضرين،و تصفيقاتهم لبعض العروض،تنبيهات و تحذيرات لبطل الفيلم،من داخل القاعة..كان الهنود الحمر يتساقطون كالذباب..او يلوذون بالفرار،و هم يطلقون صيحات..ينسحبون من المعركة، فالبطل الامريكي شخصية لاتقهر،تمثل الخير و النظام،بينما الآخرون ،اشرار و وحوش يجب سحقهم، وتعليمهم الحضارة،،انها الصورة النمطية لأفلام الويستيرن…بين الفينة و الاخرى كنّا نسمع سقوط كأس،او ارتطام زجاجة مع الارض،بعض الكراسي الخلفية،كانت تتحول الى ملاذ آمن للسكارى ،كنّا نتابع الشريط و أعقاب السجائر تسقط على رؤوسنا،،انتهى العرض،غادرنا القاعة،و حينما استقبلنا الفضاء الخارجي،احتجنا لبعض الوقت لاستعادة علاقتنا بالمكان،كنّا نحلق في السحاب، كنّا لانزال تحت تأثير اجواء السينما،يستمر الوضع دقائق،تطول او تقصر،حسب قوة الفيلم..شيئا فشيئا نبدأ في استعادة وعينا بالمكان، استعادة قاسية و مؤلمة،نعود الى دروبنا الضيقة، و الشاحبة،الى عالمنا الضيق و الصغير،الذي لايتعدى،حدود الحي الذي نسكن فيه..في الغد، كان علينا أن نصنع فرجتنا،ان نصنعها بإمكانياتنا البسيطة،العودة الى السينما،سيحتاج الى وقت أطول،و تضحيات مادية لا نملكها،،في اليوم الموالي، كان علينا أن نصنع خيولنا،من القصب،و مسدساتنا من الخشب،ثم نحول ساحة الحي الى ميدان معركة، بين رعاة البقر و الهنود الحمر…انتهى.بقلم حسن إدحجي أستاذ اللغة العربية/إعدادية مولاي سليمان/تيزنيت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق