رحلة إلى بلاد الحرمين (10) بقلم الأستاذ حسن تلموت

حسن تلموت

وترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان” رواه مسلم
الجزء الثاني:
تتخذ أشكال العنف تجاه الحجاج صورا غير ما ذكرتُ لكن الجامع بينها هو إهانة “ضيوف” ليسوا ككل الضيوف، إنهم ضيوف الرحمان، فأحيانا كثيرة تجد أن أفراد لجان التنظيم!!!!!!!! السعوديين يلجؤون إلى السهل من الحلول في تدبير المشاكل الناتجة عن عدم علم الحجاج، أو عن تبنيهم لمذهب أو رأي فقهي يخالف الرأي السائد في السعودية!! فمثلا عوض أن يستغل “الوعاظ” السعوديون فترة توافد الحجاج للصلاة في الروضة الشريفة، أو فترة خطب الجمعة أو غيرها من المناسبات لإعلام الناس بآداب زيارة روضة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولو حسب رأيهم الذي يرون أنه دون غيره “السنة”، فإنهم يتركون لرجال الأمن تنظيم الصلاة في الروضة بعنف البداوة المتحدث عنه في ما سلف ، ويتركون لخطيب الجمعة الحديث عن كل المواضيع السياسية المختلف فيها من مثل “بسالة قوات التحالف العربي وغير العربي…” وعن تطبيق “المملكة السعودية” للإسلام، والدعاء ل”خادم الحرمين الشريفين” دون غيره من ولاة الأمور…
ثم ينزوي الوعاظ والخطباء لنهر الناس بطريقة فجة حين يتمسحون بالروضة الشريفة أو حتى حين يقفون للسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو للسلام على أبي بكر وعمر رضي الله عنهم…
وأنا وإن كنت في هذا المقام لا أزكي السلوكات المنحرفة إلا أنني لا أزكيها في كل الاتجاهات، ومن أي طرف صدرت، ولإن شفع للجهال بين يدي الله جهلهم، فإن الغلاظ الشداد على ضيوف الله قد لا يجدون -مع علمهم- ما يستشفعون به إلى الله.
ولابد هنا من التنبيه –صادقا غير محاب لأحد- على استنتاج خلصت إليه مفاده أن هذه السلوكات العنفية ليست خيارا ممنهجا لدى السلطات السعودية، بل هي سلوكات لعلها كانت مرتبطة أحيانا بطبع البداوة، والجلافة، الأصيلان في الإنسان السعودي، أو لعلها سلوكات أفراد.
فأما ما يدل على الخيار الأول فهو أن طابع “البداوة”، و”الجلافة” باديان للعيان بدون مواربة في أخلاق وسلوك السعوديين أغلبهم، سواء كانوا مدنيين أو عسكريين، حتى أن هاتين الخصلتان تولدان لدى هؤلاء الناس صلفا جليا، بلغ بهم حد أن لا يردوا السلام، فقد حاولت كما حاول غيري مع بعض المشتغلين في الاستقبال في الفندق الذي كنا نقيم فيه في مكة أن نحملهم على “رد السلام” وتبادل الحديث” وعدم التعامل معنا بما يوحي بنفاد الصبر أو التعالي….لكن دون جدوى مما حملنا على عدم الاكتراث بهم في مواقفنا بعدُ، اللهم إلا فيما يخص البدء بالسلام.
أما الخيار الثاني فلعله من تعبير رجال الأمن السعوديين عن الضجر أو الرفض لنقلهم من مدنهم وبلدانهم للوقوف على خدمة حجيج جاؤوا من هنا وهناك. وهي صورة تشبه ما يفسَّر به عنف رجال الأمن المغاربة “السيمي” حين يظلون في القيظ ساعات قبل أن يؤذن لهم بتفريق مظاهرة أوتجمع باستعمال “الحد الأدنى من العنف” فيفسرون “الحد الأدنى” بما ينفس احتقانهم تجاه هؤلاء الذين كانوا سببا في وقوفهم في الشمس لأوقات طويلة وأحيانا بدون طعام، أو بدون إمكان قضاء الحوائج الإنسانية الطبيعية…وقد ذكر لي قريب لي يشتغل في هذا القطاع أنه ذات يوم أنهم كانوا يتهامسون أن لن يبقى من “رجال التعليم” المحتجين قرب أحد يمشي على قدمين، لأن الدولة زادت في أجورهم “أربع مليارات” درهم دفعة واحدة، ثم هم لعدم قناعتهم يضطروننا للخروج من ثكناتنا الباردة إلى هذا الشارع المرتفعة حرارته لمراقبة تحركاتهم… لكن وبحمد الله انتهى اليوم دون أن تصدر التعليمات بتفريق احتجاج رجال التعليم حتى انفضوا دون خسائر تذكر
وللحديث بقية في الحلقة القادمة بحول الله

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق