رحلة إلى بلاد الحرمين الشريفين (2) بقلم الاستاذ حسن تلموت

10460817_873209766074436_3840698177942457831_nفي مطار جدة:
نزلنا في مطار جدة على الساعة الواحدة وخمس وأربعين دقيقة صباحا تقريبا، فكان أول ما ناقشناه أنا وبعض من رافقني في رحلة الحج هذه هو غياب العنصر السعودي عن تدبير شؤون طائرة تحمل شعار واسم دولتهم، فكان أن أشار أحد إخواننا إلى احتمالية أن تكون “الخطوط السعودية” قد استأجرت هذه الطائرة من إحدى الدول الأجنبية استجابة لتزايد الطلب على الحج….لم أكن أدري الإمكانات الفنية والتقنية التي يستند إليها هذا التبرير لكني لم أكلف نفسي عناء إطالة النقاش في الموضوع فقبلته على أساس أنه يصلح مسكنا لألم نفسي خلفه عندي فرضية ألحت علي مفادها أن حالة ريعية تسيطر على الإنسان السعودي تنفي عنده معادلة الجهد والعمل مقابل الإنتاج والرفاه…
دخلنا قاعة الانتظار في مطار جدة حتى يتيسر لنا تنفيذ إجراءات الدخول إلى “بلاد الحرمين”، وبمجرد دخولي ازدادت دهشتي لأنني لم أكد أرى في المطار إلا ذوي السحنة والألسنة الأسيوية والهندية….
نعم ليس من ضمن من كان يتجول علينا ليرشدنا سعوديون يذكرون اللهم إلا بعض من كان يأتي بين الفينة والأخرى ليخبر أفواج الدول تباعا بحلول وقت مغادرتهم إلى باحة المطار لاجتياز اختبار الإجراءات…
تناقل أصحابنا خبر حلول موعد خروجنا إلى مساحة المطار لمباشرة الإجراءات القانونية للدخول إلى السعودية، حالة من الهرج والمرج والفوضى حلت في المطار حين تكاثرت الأفواج الداخلة إلى باحته فتدخل رجال الأمن لتنظيم الصفوف، لأول وهلة فرحت حين رأيت أخيرا سعوديين يخدمون وطنهم!!!
لكن فرحتي لم تدم طويلا حيث أجهضها غلظة “رجال أمن المطار” ، غلظة تجلت في الصراخ والدفع أحيانا، والتنقيص من الحجاج الوافدين بوصمهم بعدم النظام…
لكن هذا كله لم يكن شيئا أمام وقوفنا زمنا غير يسير ننتظر قدوم رجل الأمن الذي سيراقب جواز سفرنا ووثائقنا جميعها…
بعد أن نفد جزء كبير من صبر الحجاج الواقفين تراءى لنا طيف شاب عشريني قادم يتهادى وهو يحمل في يده كيسا بلاستيكيا لا يخفي ما بداخله من “سندويش” ومشروب لم أتبين طبيعته…
وقف الشاب أمام باب مقصورته التي سيزاول من داخلها مهمته، ثم أخذ يحملق فينا مليا…وتجرع من مشروبه رشفة ودخل لينشغل ببعض ما لم نتبينه…
كل ذلك والواقفون في الطابور -الذين لم يذوقوا طعم النوم منذ ما يقارب اليوم والذين مازال ينتظرهم يوم حافل- يغلي الدم في عروقهم ويمنعهم من التعبير حرصهم على سلامة حجهم..
بدأ رجل الأمن عمله ببطء لا أدري هل هو مقصود أم أن مرده إلى تعقيد الإجراءات. لكن الذي أعرفه هو أن صاحبنا بعد أن استغرق وقتا في عمله تركنا وقوفا مرة أخرى وغادر إلى المجهول…ولم يرجع إلا بعد أن فرغ أحد زملائه من تسجيل الحجاج المغاربة فتحول صفنا إلى طلب خدمته..لكنه ما أن بدأ في التعامل معنا حتى ظهر صاحبنا فاحتج عليه زميله هذا لكنه صرخ في وجهه بما نصه أن “لا شأن لك بي، لأنني ما بشتغل عندك…”كلما كان يحدونا نحن حينها هو رغبتنا في الانتقال إلى الخطوة التالية لأن صلاة الفجر قد أذن لها ومازال أمامنا الكثير…
تجاوزنا هذه المرحلة التي لم يكن العنصر السعودي “العامل” فيها بأحسن من العنصر الخامل.. فعدنا بعد ذلك إلى المشهد السابق “مصريون وأسيويون وهنود…”يسوقون وسائل النقل الحاملة لأمتعة الحجاج، ويشتغلون بتنظيف أرصفة المطار، ويرشدون السائلين…ولا تكاد ترى السعودي إلا في مهمة متعلقة بالأمر والنهي والتوجيه وووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق