روشدي أبو كريم : الساكنة لن تهدأ إلا بإيقاف "مول البيكالة"

 


ما هي الدوافع النفسية التي تجعل الإنسان يقبل على مثل هذه السلوكات العدوانية؟

الدوافع متعددة، منها دوافع مرتبطة بالشرعية لدى الشخص المعني، فهو يعتقد أن الرجل له من السلطة ما يكفي لتربية المرأة وتأديبها، وهذا في نظره حق مكتسب، فالضرب أو هذا السلوك الشاذ، هو وسيلة غير إنسانية، ولا يليق استعمالها بين البشر، فالإنسان الذي يستعمل هذا النوع من العنف، غير واثق من نفسه، ولا يملك القدرة على التعبير عنها بطريقة صحية
ومَرَضياً، يمكن تفسير هذه الشخصية، بأن الجاني يضع نفسه في مرتبة أعلى، تعادل مكانة الله أو الرسول (صلعم)، ويعطي لنفسه الحق في التربية وتأديب ما يتنافى مع التعاليم التي أمره الله بتطبيقها على الأرض، باعتبار أن الله أعطاه تلك القدرات لنشر الهداية وسلك الطريق الصحيح، وهذا ما يسمى مرضيا بـ”هذيان النبوة”.
وهناك أيضا عامل التوتر العصبي والقلق النفسي، وهما نتيجة طبيعية لتراكمات الكبت، الذي يمثل ضغطا نفسيا وعبئا كبيرا فوق طاقة الفرد، كما يولد لديه انحرافات وجرائم يكون الكبث سببا رئيسيا في إبرازها، وإخراجها إلى حيز الوجود، وهي وسيلة من وسائل التنفيس عن الذات. وتعتبر “الأنا” هشة لدى هذا المعتدي، حيث لا يشعر بما يقوم به، كما لا  توجد علاقة سببية تربط المعتدي بالمعتدى عليه، وهنا تدخل أمور أخرى، كغياب القدرة على التمييز. علما أن هذا لا يحصل إلا عند  حصول تقادم في ظهور الأعراض المرضية في مدة لا تقل عن ستة أشهر، زيادة على أنه يمكن للشخص أن يقوم بهذه الاعتداءات إذا كان تحت تأثير مخدر أفقده القدرة على كبت رغبته في الاعتداء.

ماذا عن التكلفة النفسية والاجتماعية لمثل هذه الظواهر على نفسية الضحايا؟

أولا هناك الخوف، فالخوف أمر طبيعي يشعر به الإنسان، وخاصة في مثل هذه المواقف التي تهدد حياته بالخطر، فالخوف حالة انفعالية طبيعية يشعر بها الإنسان وتتراوح درجاتها بين الحذر والهلع والرعب، خصوصا أن مثل هذه الحالات تعتبر ناذرة الحدوث في مجتمعنا، إذا استثنينا حالة “نينجا” بمراكش، رغم أن دوافع هذا الأخير كانت هي الاعتداء من أجل السرقة.
وهذا الخوف يسهم في حالة من القلق لدى الساكنة، التي لن تهدأ إلا بإيقاف هذا المعتدي، ويمكن أن تتجاوزه لأيام أو أشهر، أما ما سيخلفه الحادث على نفسية الضحايا، فلا بد أن يكون له وقع عميق عليهم، خاصة أن المستهدف هنا هو الفتيات، وهذا الأمر سيخلف لا محالة صدمة نفسية واضطرابا لدى بعض الضحايا، كما يمكن أن يصاحبه تغير مفاجئ في الشخصية، ويمكن بالإضافة إلى ذلك، أن يولد العجز في الثقة بالآخرين، كما يمكن أن يصدر عند بعضهم سلوكات عدوانية غير شرعية في المستقبل تحمل نوعا من الانتقام، كما يمكن أن تحمل سلوكيات تهدف إلى تدمير الذات (مازوشي)، اعتبارا لعمق الجرح الذي خلفه الاعتداء.
وفي نفس الإطار يمكن أن يفكر بعض الضحايا في الانتحار، خاصة إذا كانت للضحايا ظروف نفسية صعبة ، يصاحبها ضعف لدى المعتدى عليهم في القدرة على التحمل.
ويمكن أن تظهر سلوكات أخرى سلبية كمشاعر الحزن والإحباط وغيرها من أعراض الاكتئاب، لكن ورغم تجاوز المرحلة، فإن الألم عند البعض سيمكث طويلا بعد أن تندمل الجراح الظاهرة، فنفسية المعتدى عليه غالبا ما تكون مرتعا للإضطرابات العاطفية، فهو عادة ما يشعر بنقص في الثقة، وميَّالا للإحباط والكآبة والعزلة.

حاوره محمد الشيخ بلا

عن جريدة المساء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق