فاجعة الحوز: سيناريو الموت على الطريق

سائلا الله أن يتغمدهم بواسع رحمته ويسكنهم فسيح جناته، وأن يلهم ذويهم الصبر والسلوان. صحيح أن الأمر في أول واخر المطاف قضاء وقدر، لكن هذا لايمنع من البحث قليلا عن الأسباب الحقيقية التي أدت الى هذه الفاجعة التي وصل صداها الى دول مجاورة.

منذ الاستقلال والمغاربة يسمعون عن بناء المغرب الحديث واطلاق أوراش كبرى سيستفيد منها الشعب بكامل أطيافه، سمعنا أيضا عن مشاريع بملايير الدراهم لاصلاح البنيات التحتية وخصوصا الشبكات الطرقية لتمكين المواطنين من التنقل بسهولة عبر المملكة السعيدة. وحتى يحتفظ الناس على سلامتهم، تم اخراج مدونة سير جديدة سمعنا أنها السبيل الأمثل للتخفيض من حرب الطرقات التي تحصد يوميا أكثر من عشرة أشخاص، وقام وزير التجهيز والنقل أنذاك الاستقلالي كريم غلاب بتفصيل وتفسير هذه المدونة التي اعتبرها انجازا يحسب له.

مباشرة بعد تطبيق هذه المدونة ارتفعت حصيلة حوادث السير في المغرب بشكل مخيف حيث أصبحت الطرقات تحصد كل يوم 13 شخصا ناهيك عن عشرات الجرحى الذين يصبح السواد الأعظم منهم حاملين لعاهات مستديمة.

كل هذا يدفعنا الى البحث عن أسباب هذه الحوادث المؤلمة التي تجعل المغرب يحتل المرتبة الأولى عالميا في مايخص حوادث السير. وعندما ننطلق من  النظر الى حالة الطرقات في المغرب مرورا بالحالات الميكانيكية للعربات وصولا الى التهور أثناء السياقة ندرك مباشرة الأسباب الكامنة وراء هذه الماسي. اذ أن هذه العوامل الثلاثة هي المسبب الرئيسي لحوادث السير والافات التي  تتبعها.

وبالنظر الى فاجعة الحوز، نجد أن القسط الأكبر من هذه المسؤولية تتحملها السلطات المختصة اضافة الى مالك الشركة. فالحالة الميكانيكية للحافلة والمعروفة أنها مهترئة اضافة الى الحمولة الزائدة فيمايخص الأشخاص والأمتعة كانا سببا مباشرا في حصول الكارثة. لكن اذا كانت هذه مسؤولية رب الشركة ، فالمسؤولية أيضا تقع على عاتق نقط المراقبة والمتمثلة في مراكز الدرك الملكي ، اذ أن السماح للحافلة بالمرور بهذه الحمولة يبين مدى الاستهتار  الذي يمارسه هؤلاء المسؤولين على المراقبة. وهناك طرف ثالث يتحمل المسؤولية والمتمثل في مركز الفحص التقني الذي يعطي رخص الصلاحية رغم ملاحظة الحالة الميكانيكية للحافلة. وحتى نكون أكثر حيادا فالمواطن أيضا له مسؤوليته والمتمثلة في القبول بركوب حافلة رغم ملاحظة الحمولة الزائدة.

لكن الدور الرئيسي في هذه التراجيدية المؤلمة  هو داك الذي تلعبه الدولة، حيث أن منعرجات تيزي نتيشكا تعتبر من بين أخطر المنعرجات الخطيرة في المغرب. اذ كان من الأسبقية بناء نفق يربط مراكش بورزازات  لتسهيل مرور العربات، لكن يبدو أن الدولة لاتجد الوقت لهذه الأسبقيات، فالمهرجانات والصفقات الخاصة لاتترك مجالا للتفكير في المصلحة العامة.

فالى متى سنظل نواجه الموت على الطريق؟

عبد المجيد ملكي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق