حادثة فتاتي إنزكان بعيون قانونية

إنزكان

سرقت مدينة إنزكان مؤخرا الأضواء ليس بتجارتها ولكن بحادثة ظاهرها مهول بفعل فاعل وباطنها جعجعة في طحين لاغير، فما وقع بمدينة إنزكان حالة عادية تدخلت فيها الدولة من أجل حماية الجميع وإصلاح ما تم ارتكابه من أخطاء لم تكن متعمدة لكون نائب وكيل الملك بالنيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بإنزكان والذي وقع في خطأ التكييف وقع فيه لحداثة سنه وقلة تجربته في الميدان ومعالجة النوازل.
غير أن الجمعيات الحقوقية اقترفت جرما أكبر وخطأ أعظم لأنها حورت النقاش من قضية تحرش وتبادل الشتم إلى مسألة شكلية وهي اللباس متناسية المسؤولية المشتركة بين جميع الأطراف (المواطن الضحية أو الفاعل وأجهزة الدولة كحكم) فقد وقع التركيز على اللباس لتحوير النقاش لمجابهة الأصولية وهو خطأ جسيم واستراتيجي لأن الأصولية أيضا تتغدى على النعرات والفتن وتشتغل على اللباس وهو ما بررته واقعة مدينة فاس التي وجد فيها مواطن مغربي نفسه في لحظة أمام تصرف همجي لمواطنين في حق مواطن آخر وهي أيضا واقعة ركب عليها من ركب من الجمعيات الحقوقية لتحميل الدولة المسؤولية والهروب بالملف ككل إلى الأمام حيث إن الدولة لحظة تدخلها في واقعة فاس إنما تدخلت لحماية مواطن مغربي مهدد في حياته فهي الجهة الأولى بها حماية المواطنين جميعهم وضبط الأمن العام.
إذن هناك تشابه كبير بين حالة إنزكان وحالة فاس ومسؤولية المواطن كضحية أو معتدي من جهة والدولة كحكم ثابثة لا مراء فيها، الدولة هي من حمت الفتى الشاذ جنسيا بفاس فكيف لاتحمي فتاتي إنزكان لنؤكد أن مسألة اللباس أو التصرف أو المعتقد هي ثانوية بالنسبة لمؤسسة الدولة التي على عاتقها حماية جميع المواطنين على قدم المساواة، لتكون الدولة في كلتا الحالتين قد قامت بأدوارها.
لكن المثير نزوع الجمعيات الحقوقية ببلادنا إلى الانتقائية والبحث عن قوانين على المقاس لتسبح بين الحقوقي والسياسي بنية مبيتة وبقصد تحريك النعرات الفتن والتصعيد لأن الأصل في النص القانوني “العمومية” وليس هناك نصوص على “المقاس”، فعندما تطرأ حالة معينة فهي حالة خاصة ينطبق عليها نص عام وهنا يدخل الاجتهاد والذي من المفروض فيه أن يكون اجتهادا شجاعا لدى الشرطة أو النيابة العامة أو من ينفذ القانون، وحين نريد أن نخضع القاعدة العامة على مقاس الحقوق كما تراها بعض الجمعيات تقع هذه البلبلة التي همت هاتين الحالتين المعزولتين والجميع يعتقد أنه على صواب إلا أن حسن النية لايتوفر بشكل دائم فالحقوقي يحاول دوما تطويع السياسة على مقاس أفكاره الحقوقية وهو أمر لا يمكن أن يستقيم لأن الحقوق عادة تكون حقوقا عامة وأن شرح النصوص الخاصة بها يكون دائما خاصا.
إن الحالة المعزولة يجب أن نشتغل عليها جميعا لكي نطور التعايش الجماعي لدينا ولايمكن أن نستغلها لتصفية حسابات ضيقة ونسف كل ما تم بنائه وتحقيقه في مغرب الحداثة والديموقراطية وسمو الدستور، لدى يجب اعتبار هذه الحالات من الآليات الأساس لتطوير المنظومة القانونية وأن تبقى في مجالها الخاص لسوء فهم النص القانوني ولكيفية تطبيقه.
عبد الله اليانوتي أستاذ باحث في القانون

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق