الدكتور خالص جلبي يؤكد من سيدي إفني على أهمية اللاعنف لبناء حضارة راشدة يعمها العدل والمواطنة الحقة

خالص جلبي

أكد المفكر السوري المخضرم الدكتور خالص جلبي في محاضرة ألقاها السبت الأخير 9 ماي 2015 بقاعة الاجتماعات البلدية بسيدي إفني على أهمية اللاعنف في بناء الحضارة الراشدة ،حضارة تنبني على اجتهاد يقوم على تصور معين للوجود وللإنسان، يؤدي إلى الترقي المادي والمعنوي ،مؤكدا أنه من أبرز الدعائم التي تقوم عليها الحضارة الإسلامية أيضاً هو اجتهادها في بلورة تصورها لتأدية الوظيفة التي خُلق من أجلها الإنسان، فالترقي في مدارج الحضارة يكون من نتيجة تأدية وظيفة الخلافة في أحسن مظاهرها المادية والمعنوية مصداقا لقوله تعالى ” إني جاعل في الأرض خليفة” ، حيث تتجلى معنى العبودية الحقة لله عز وجل، وأي خلل في تأدية الوظيفة يتبعه تصدع وانهيار في البناء الحضاري ككل، والتخبط في أزمة حضارية تعيشها الأمة،وقد أكد جلبي المتزوج من مغربية أن عدم تطبيق شروط الحضارة منذ العقود الأخيرة أدى إلى  عدة حالات من التصدع والانهيار نتج عنها انشطار مفزع بين الذات وما تؤمن به من قيم ومبادئ وبين واقع يشدها إلى حضارة مفروضة عليها، فتوقف العطاء الحضاري، وتجمدت المؤسسات، وانسد باب الاجتهاد، ونضب الإبداع، وتردى العالم الإسلامي أكثر في التخلف والانحطاط، رغم بعض مظاهر التقدم المادي ،داعيا إلى رفع درجات التحدي الحضاري في أنفسنا إلى أقصى حالاتها، كي نستطيع بالفعل تحقيق شروط النهضة الحقيقية في كل قضايانا والتي نهضت بها الدول الأربية ،حيث من أهمها روح المبادرة ثم روح العمل وأخيرا روح الكسب موجها الجميع إلى قراءة كتاب تحت عنوان”الرأسمالية وروح البروتيستانت”” لكاتب ألماني ، مشددا على أن من واجب  المسلمين إعادة قراءة القرآن الكريم والعمل على تطبيقه خاصة فيما يتعلق بمقومات النهضة والتقدم لبناء حضارة راشدة مبنية على السلم والحوار البناء وأن لا نكون كالذين حملوا الثوراة ،فينطبق علينا قوله تعالى ” كمثل الحمار يحمل أسفارا” ، معرجا على المعاناة التي عاناها الرجل في سوريا بسبب فكره المتنور الداعي إلى التفكير والتدبر في آيات الله واستخدام العقل والوعي والنقد الذاتي ودعا إلى ضرورة توفير لقاحات مضادة لمعالجة ما تعانيه سوريا اليوم ،ثم تعرض للتهجير من بلده الأصلي سوريا مطمئنا الجميع أن سوريا اليوم في طريق محاربة البلطجية الذين كانوا يسرقون البلد وينهبون خيراته من أجل مصالحهم من أجل عودة الأمن والأمان رغم ما في سوريا من مذابح وآلام كبيرة جدا على غرار ما تعيشه اليمن كذلك من دمار وإجرام وتقتيل منبها إلى التوسع الإيراني بسبب الشقاق الموجود عند السنيين ،معرجا على الفكر الخطير الموجود بسوريا والعراق واليمن فيما أسماه ” داعش وماعش وناعش وفاحش ” مشيرا إلى أن مهمة الأنبياء والعلماء والحكماء والمفكرين النبلاء من العرب أو الغرب مهمتهم هي تخليق الإنسان بالأخلاق العالية والحضارية للنهوض بالعقل الإنساني إلى المراتب العليا وإفشاء السلام ورفع الظلم على الإنسان أينما كان كالتطهير العرقي ،الإبادة الجماعية، ضاربا أمثلة ببعض الدول الأوربية التي أحلت السلام والعدل داخلها بقوله مثلا ” كندا أقرب إلى الله من السودان”  مضيفا ” نحن لانريد دولة إسلامية ولا خلافة إسلامية نريد فقط مجتمع فيه عدل ومجتمع المواطنة ” مذكرا بأول دستور في الإسلام والذي وضعه الرسول صلى الله عليه وسلم وسماه جلبي بميثاق المواطنة ،مبرزا أن من مقومات المواطنة الحقة العدل والديمقراطية الحقة وهي من مقومات القوة المعنوية التي دعا إليها الإسلام محذرا من الصراع العربي العربي الذي من المفروض أن يكون عربي إسرائيلي منبها بورطة الديون الثقيلة المفروضة على الدول العربية وخاصة النامية أوالسائرة في طريق النمو في إطار خطة منهجية لإثقال كاهلها وبالتالي التحكم فيها بصورة غير مباشرة ، مشددا على استغلال الطاقات العلميةوالعملية وعدم إهدارها، وذلك بالتيقن بأن العمل والسعي في الكسب فرض عين على كل مقتدر، ولا مجال للتهاون في إثارة الهمم فيهاموجها نداء إلى الشعوب العربية وحكوماتها إلى الاهتمام بالبحث العلمي في جميع المجالات في الطب والصيدلة والفيزياء والكيمياء وعلوم الحياة والأرض من أجل تكوين شباب واع ومسؤول يحقن بالعلم والمعرفة ومقومات الحضارة الحقيقية في إطار السلم والتعايش ،وأن  التحدي الذي يخلو ، يضيف جلبي، من دعامتي الوعي والعمل يظل ناقصاً، بل يظل يدور في فراغ يطحن الهواء ولا يحمل سوى مزيد من الفشـل والانحراف والفساد والتخلف الناتج عن الخلل في الذات المسلمة -امرأة كانت أم رجلاً- التي لم تستطع بعد إقامة المعايير في نفسها، وتهاونت في البحث عن طبيعة رسالتها في الوجود برمته، مبرزا أن الدفع بالبنية الاقتصادية للأمة نحو الازدهار والكسب يسهم في أخذ مكانتها الطبيعية بين الأمم الراقية مادياً، ويحررها من التبعية الاقتصادية والسياسية فتصبح مالكة لكل قراراتها التي تقوم على دعامة من حرية العقيدة والفكر والوجدان وفي الأخير ختم كلامه  بإعجابه بإصلاحات حكومة بن كيران خاصة فيما يتعلق بالتخلص من الديون الخارجية والاهتمام بالتنمية الداخلية كما أعجب بالشعب المغربي من شماله إلى جنوبه ، هذا وقد أكدت تصريحات متطابقة لمعظم الحاضرين للموقع عن إعجابهم بالمفكر العربي خالص جلبي وبالمحاضرة التي تهدف إلى الرقي بالفكر العربي لاستئناف حركة الترقي المادية والمعنوية في مدارج الحضارة وتحقيق السمو الذاتي والجماعي، في الأخلاق والقيم والمبادئ الإنسانية، وفي العلم والعمل والتعاون شاكرين الجهات المنظمة .

الحبيب الطلاب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق