التكوين المستمر

امينة أنجار

التكوين المستمر هو ما يتعلمه الشخص بعد التحاقه بالعمل من أجل تقوية قدراته فيه أو من أجل مواكبة المستجدات المتعلقة بميدان عمله سواء كانت في الجانب القانوني أو التكنولوجي أو حتى النظري.ويعتبر مسألة ضرورية ليحافظ العامل أو العاملة على مستوى معين من الكفاءة والقدرة على الانتاج لكي لا يجد نفسه يوما غير قادر على فهم ما يحدث في ميدان اشتغاله.

ولقد كانت  مسألة التكوين المستمر هاجسا مزعجا للمستثمرين وللدولة خاصة.ولذلك أنشأت المكتب الوطني للتكوين المهني وإنعاش الشغل من أجل تدبير هذا القطاع وخلقت الشركات الكبرى أقساما تعنى بالتكوين المستمر والتدريب.

ومن أجل تمويل القطاع أحدثت الدولة كذلك ضريبة التكوين المهني يدفعها المشغلون حسب كثلة أجور أعمالهم.

مناسبة هذا الكلام هو غياب مؤسسة للتكوين المستمر بمدينة تيزنيت حيث لا يكاد المرء يسمع عن هذا الأمرشيئا كأن التعلم ينتهي بتخرجنا من الجامعة والتحاقنا بمؤسسة نعمل بها.

لا يمكن لمدينة تيزنيت أن تستقطب المستثمرين لمجرد أنها مدينة جميلة و سكانها طيبون أو لمجرد أنها أنجبت كبار رجال الأعمال في المملكة،وفي مختلف القطاعات . لأن ما يهم المستثمر هو ما توفره هذه المدينة من يد عاملة مؤهلة ومنتجة وقادرة على التأقلم مع تطور المشاريع التي يعرفها مجال المال و الأعمال في المغرب و الخارج. فقد صار العنصر البشري عاملا حاسما في اختيار المكان المناسب للاستثمار.

و من جانب آخر، تخلق بعض النساء و الشباب مقاولات صغيرة أحيانا بدعم من المؤسسات كالمجلس الإقليمي أو غرفة التجارة و الصناعة و الخدمات لكن سرعان ما يدركون أنهم يحتاجون للتكوين في مجالات لم يفكروا يوما في أنهم سيحتاجونها كالمحاسبة و الجبايات و قانون الشغل و المعاملات التجارية كالقرض و السلف. هؤلاء المستثمرون الجدد لا يجدون فرصا من أجل التكوين و قد يكون الأمر سببا في فشلهم أو تعثر مشاريعهم .

إن مهمة التكوين المستمر مرتبطة بالدرجة الأولى بما هو ذاتي أي رغبة العامل أو المستثمر في التكوين، لكنه مرتبط أيضا بتوفر عرض ملائم من التكوينات ذات جودة تسمح للمستفيد من الإجابة على أسئلته التي تكون غالبا تطبيقية و عملية بعيدا عن التكوينات النظرية التي يكتفي فيها المؤطر بقراءة ما يعرضه في الشاشة دون أن يكون مقنعا و لا ملما بالموضوع .

فالتكوين المستمر ليس تكوينا تكميليا أو تصحيحيا بل هو أولا و قبل كل شيء لقاء بين خبير له تجربة كبيرة مع أشخاص يحتاجون إلى من ينقلون إليهم تقنيات جديدة و أفكار جديدة أو معلومات لها علاقة بميدان اشتغالهم. هو حوار بين مجموعة من الأشخاص يجمعهم هدف واحد :  تبادل الخبرة من أجل تجنب تكرار نفس الأخطاء.

قد نوفر للمقاولات و المقاولين الأرض و الدعم المادي و الإداري ليستثمروا لكن لن ينجحوا بدون يد عاملة مؤهلة، مجددة قادرة على الإبداع و العطاء، ملمة بما يحدث في قطاع عملها و قد قال حكيم صيني قديما “من أراد الخير بعد عام يزرع الأرز و من أراد الخير بعد عشرين سنة يغرس الشجر و من أراد الخير دائما يبني الإنسان “.

أمينة أنجار

رئيسة نادي النساء المقاولات

بتيزنت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق