سيادة وزير التربية الوطنية … نعم، للقانون سلطة على الوزير

ولا يوجد أي مبرر واقعي أو موضوعي أو هما معا لدى أي متربع على كرسي المسؤولية، يبيح له تجاوز وضرب بعرض الحائط الضوابط والمساطر القانونية، و سندنا في ذلك دستور المملكة المغربية،و نخص بالذكر الفصلين 4 و 5 .
ومرة أخرى يفاجئنا وزير التربية الوطنية كعادته برسالة عدد 1949-3 بتاريخ 11 أبريل 2013 ،ذات الموضوع “في شأن اجراءات فتح باب الترشيح لشغل مناصب رؤساء الاقسام ورؤساء المصالح” وموجهة إلى المسؤولين الجهويين و الاقليميين للوزارة ،وقد دعاهم من خلالها بتجديد وتغيير المسؤولين الذين يرون أنه لا فائدة في استمرارهم في تحمل المسؤولية حسب منطوق هذه الرسالة.وهنا يكون الوزير قد مارس سلطة على القانون بحيث أن المرسوم رقم 2.11.681 بتاريخ 25 نونبر 2011 في شأن كيفيات تعيين رؤساء الاقسام والمصالح بالإدارات العمومية المادة 12 منه   مادة صريحة  لا تقبل التأويل ولا الاجتهاد و لا نجد حاجة لهما في هذه المسألة، و المادة تنص صراحة أن الاعفاء من مهام رئيس قسم أو رئيس مصلحة يكون بقرار معلل ،وليس تجديد أو تغيير حسب رؤية المسؤول الاقليمي او الجهوي ،و كأننا أمام آلة تآكلت او عبد مسلوب الارادة، دون استحضار ان المعني بالاجراء هنا موظف عمومي بواجباته وحقوقه. بالإضافة كون الادارة “الرئيس المفوض له بالتجديد أو التغيير”مجبرة بقوة القانون على عرض الوقائع المادية “للإعفاء من المهام” بأمانة ،وتكييفها والبحث عن القاعدة أو القواعد القانونية ذات الصلة بها ،كما أن سلطة الرئيس الاداري أصبحت مقيدة لا تقديرية حيث أنه قد رسمت لها المقتضيات القانونية تدابير و اجراءات محددة لا يجوز القفز عليها تحت اي مبرر كان.

وكما هو معلوم ، فالإعفاء من مهام قبل انجاز البحث بخصوص أفعال منسوبة ، يجعل القرار مبنيا على وقائع تغيب عنها الدقة و الموضوعية. مما يجعلنا نتساءل عن الجدوى من سن القانون رقم 03-01 بشأن الزام الادارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قرارتها الادارية ، وكلمة الالزام تحيلنا على مفهوم الاجبار، والافصاح كتابة في صلب القرار عن الاسباب القانونية والواقعية لاتخاذه ، بدون استعمال كلمات فضفاضة التي تحمل تأويلات وقراءات متعددة.وبصدور هذه الرسالة ،يكون الوزير قد غيب و تجاهل المذكرة الوزارية رقم 92 بتاريخ 6 يونيو 2006 بشأن تحصين القرارات الادارية ،والتي تم التنصيص فيها على أن تجاوز السلطة بمفهوم المادة 20 من القانون رقم 90/41 المحدث للمحاكم الادارية هو : كل قرار اداري ينعدم التعليل ، يشكل تجاوزا في استعمال السلطة، مع غض الطرف على منشور رئيس الحكومة رقم 2012/3 بتاريخ 19 مارس 2012 ” حكامة المؤسسات والمنشآت العامة “.
وهل تذكر الوزير ما أشار إليه رئيس الحكومة في اللقاء المنظم من طرف وزارته يوم السبت 23 مارس 2013 بالرباط مع مديريات ومديري الاكاديميات الجهوية للتربية والتكوين ونائبات ونواب الوزارة حيث اتخاذ القرارات الصائبة التي من شأنها ضمان اصلاح المنظومة التربوية و استقرارها .
وإن كان المسؤول الجهوي للوزارة هو المؤهل قانونيا لإصدار مقرر فتح باب الترشيح لشغل مناصب رؤساء الاقسام و رؤساء المصالح بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين ومصالحها الاقليمية ، فيكف سيتم الربط من ناحية القانون الاداري بين قرار مسؤول إقليمي بشغور احد مناصب المسؤولية بالنيابة واصدار المقرر السالف الذكر؟
وتعقيبا على هذه الرسالة الوزارية ، نعتقد أن وزيرنا وغيره مطالبين باحترام القانون نصا ، روحا و ممارسة و منهجا ،والأخذ بعين الاعتبار أن الشرعية تهدف الى جعل الجميع أي كان مركزهم في وضعية الخضوع للقانون على خلاف وضعية التعسف التي لا تستند على القانون ،و العمل على زرع روح العمل الخلاق و العطاء المستمر في كل نساء و رجال التربية و التكوين ،و الرفع من كفايتهم الانتاجية دون أن يتعارض ذلك مع قدراتهم و مصالحهم الخاصة. وخلاصة القول ،نحن في أشد الحاجة إلى قيام دولة الحق و المؤسسات على مستوى الواقع و الممارسة ،وذلك بإقامة علاقة متينة قوامها الاحترام المتبادل بين الرؤساء والمرؤوسين ،والحرص على المحافظة على الحقوق و الواجبات .كما أن الرهان الحالي لا زال يتمثل في رفع تحدي دمقرطة المسؤولية بتطبيق القانون، على أساس أننا نريد وزارة قانون لا وزارة أشخاص فانون.
موظف و متتبع للشأن التعليمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق