ماء العينين: هذه الحكومة أسست في علاقتها مع الأغلبية لمنطق جديد لا مجال فيه للتحكم والهواتف

soussplus-ماء-العينين

في حوار مع جريدة الاحداث المغربية، اعتبرت أمينة ماء العينين، عضو فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، اختلاف الأغلبية مع الحكومة أمر وارد وطبيعي، مضيفة أن نواب الأغلبية ليسوا مجرد أدوات تصويت بل “نحن نواب برلمانيون نمارس اختصاصات دستورية و ندافع عن وجهات نظرنا بكل تجرد و مسؤولية” تقول ماء العينين.

وأوضحت نائبة رئيسة منظمة نساء العدالة والتنمية، أن الحكومة نفسها تقبل الكثير من تعديلات الأغلبية كما تقبل تعديلات المعارضة، “أما في حالة الاختلاف في قضايا نعتبرها كأغلبية جوهرية قيقع تفاوض ونقاش مع الحكومة ثم نمتثل في النهاية للقرار السياسي في لحظة التصويت فالأغلبية أغلبية والمعارضة معارضة وإلا فستفقد العملية السياسية المعنى”، تضيف ماء العينين.

وبعد أن هاجمت ماء العينين، المعارضة، اعتبرت أن المشهد السياسي بئيس وباهت حين يتعلق الأمر بالنقاشات الحقيقية المنتظرة لخلق تغيير حقيقي لدينا، فالمعارضة، بحسب برلمانية العدالة والتنمية، “فاقدة للمصداقية تمارس المزايدة وتمتهن العرقلة ونسف المبادرات للتغطية عن عجزها وهو أمر يجب مواجهته”.

وفي ما يلي نص الحوار كاملا:

1-  أنتم أكبر فريق نيابي عدديا، تتربعون في اللائحة الوطنية أيضا على عرش الأرقام، إلا أن هذا لا يعكس في الواقع صورة عددية فقط، الكثير من نواب فريقكم لا يكادون يعرفون، وعموما ظلت نفس الأسماء الحاضرة إلا بعض الأسماء، هذا يدفعنا للسؤال هل أنتم مجرد رقم كبير في مجلس النواب؟

•  لسنا مجرد رقم كبير، نحن فريق نيابي جدي و فاعل، حصيلة أدائنا تشهد بذلك، ومع أن الحصيلة العددية سواء من حيث المبادرات الرقابية أو التشريعية أو الديبلوماسية حصيلة مشرفة غير أنني لم أومن يوما بالأرقام في السياسة، وما قدمه فريق العدالة والتنمية للممارسة السياسية والنيابية المغربية أهم من الأرقام، وإلا ففريق نيابي من المعارضة انتهج نهجا فجا باللعب على نفخ حصيلة أدائه الرقابي بأسئلة كتابية مكرورة تعد في المكاتب والحواسيب دون أن يكون لها ارتباط بعمل سياسي تواصلي أو ميداني، الجميع يعلم وضعية هذا الفريق وحصيلته الرقمية فاقدة للمعنى وستظل عاجزة عن خلق سمعة سياسية جيدة. فريقنا نحت حصيلة أدائه بالتزامه وتحمله المسؤولية الاخلاقية لمبدأ التمثيلية. طبعا عدد نوابنا ونائباتنا كبير ومن الطبيعي أن توجد مستويات في الأداء، الصحافة عموما تميل إلى تقييم الحضور بناء على قدرات النواب التواصلية غير ان امكانيات نوابنا مختلفة ما بين العمل الميداني والحضور في الدائرة والانتاج الصامت من خلال المبادرات التشريعية وبين القدرة على المحاججة والترافع والخطابة، يمكن أن أقول إن فريقنا متكامل دون أن أنفي أوجه القصور والضعف وهي موجودة ولاشك، أما بخصوص تكرار حضور أسماء بعينها فهي ظاهرة مرافقة للفعل السياسي في العالم أجمع، من يمتلك أقدمية وخبرة يصنع رصيدا رمزيا يمنح مشروعية ما، هل هي دائما في محلها؟ هل الذين يتكرر حضورهم هم الاكفأ والافضل؟ هي أسئلة معقدة لان ما يحكم العمل السياسي في كل الاحزاب لا يعود دائما لكفاءة مستندة الى معايير واضحة بل يعود لعوامل متداخلة تحتاج الى تحليل، غير انني اؤكد لكم أن معايير فريقنا في اسناد المسؤوليات معايير دقيقة وفق مساطر ديمقراطية الا ان العوامل النفسية تبقى دائما حاضرة ومؤثرة. في العملية السياسية الكفاءة والجدية تفرض نفسها في النهاية رغم الصعوبات، في السياسة يمكن ان تشتري كل شيء الا الحضور فهو يرتبط باستعدادات صاحبه الطبيعية وبالرهانات التي تحرك فعله السياسي.

2-  لنبقى دائما في حصيلة فريقكم النيابي هذه المرة في فريقكم الشاب المستفيد من التمييز الايجابي في لائحة الشباب والنساء، الكثير من الملاحظين يقرون أن العدد لن يكون بالضرورة في خدمة الفعالية، هذا ما يستشف من أداء فريقكم الشاب الذي أنت أحد اعضائه، الملاحظ أيضا أن انضباط الفريق في متابعة اجتماعات اللجان والجلسات العمومية والتشريعية لا يعني بالضرورة فاعلية على مستوى الرقابة والتشريع؟ هل توافقون الرأي، خاصة وأن نفس الاسماء بين فريقكم هي التي تتداول بصفة مستمرة؟

•  تقييم الاداء النيابي يختلف باختلاف مرجعيات التقييم، لا اظن انني في وضع يؤهلني لتقييم أداء زملائي النواب الشباب سواء في فريقي أو في الفرق الاخرى غير انني مؤمنة إلى النخاع ان العمل النيابي يتأثر ضرورة بنوعية الرهانات التي تحرك صاحبه، هناك من يحمل رهانات ديمقراطية حقيقية فيجعل سؤال: كيف يمكن ان اجعل من مروري في هذه المؤسسة مؤثرا في عملية التغيير وبناء استقلالية المؤسسات وتكريس فصل السلط واعطاء صورة جديدة عن البرلمان كمؤسسة تستمد قوتها من مشروعية التمثيل الديمقراطي الذي يجعلها مجسدة لسيادة الامة، وهناك من يريد أن يستفيد من بعض الامتيازات التي يمنحها الموقع البرلماني دون التورط في متاعب و هناك من اختار طريق التملق والمحاباة والسلبية بحثا عن الموقع المربح مع الاتجاه الرابح فتجده يميل يمينا وشمالا بتغير المواقع والمواقف وتجد من اختار لنفسه الدخول في جبة زعيم ما تحقيقا لهدف ما، بالنسبة لشباب فريقي فقد انتخبوا جميعا بدون استثناء بناء على مساطر ديمقراطية داخلية صارمة وبذلك لن تجد ضمنهم من اسقط في اخر لحظة على الحياة السياسية بدءا بقبة البرلمان، شباب فريقي شباب مناضل داخل الحزب وشبيبته واداؤه يعكس رصيده النضالي، بالنسبة لعلاقة الحضور بفعالية الاداء طبعا لا يعني الحضور في حد ذاته النجاعة والانتاج، تظل المستويات مختلفة و الامكانيات مختلفة، فنقط قوة نائب ما تختلف عن نقط قوة نائب آخر وبذلك يختلف التقييم.

3- أمينة ماء العينين أنت عضو في لجنة العدل والتشريع ونتابع أن عدد المعارك التي خيضت داخل لجنة العدل بمجلس النواب تكاد لا تنتهي كان آخرها الجدل حول حالات التنافي بين المقعد الحكومي ورئاسة مجالس الجماعات الترابية، ثم مشروع قانون بشأن الهيأة الوطنية للرشوة، أنتم ساندتم في الأغلبية موقفا في المشروعين عارض توجه الحكومة قبل ان تنقلب الأمور الى النقيض في الجلسة العامة. كيف تفسرين هذا؟

•  دعني أقول لك إن لجنة العدل والتشريع مدرسة كبيرة داخل البرلمان، موقعي كمنسقة لفريقي بداخلها ومهمة تنسيق تعديلات الاغلبية على مشاريع القوانين علمني أشياء كثيرة، نعم خيضت معارك كبيرة داخل هذه اللجنة التي تكتسي نقاشاتها طابعا دستوريا وتنتفي فيها مواقع الاغلبية والمعارضة فيصبح النقاش قانونيا جديا ومسؤولا خاصة مع وزراء من طينة المصطفى الرميد الذي يجمع نواب الاغلبية والمعارضة على رقي النقاش في حضوره واحترامه الكبير لمؤسسة البرلمان، اختلافنا كأغلبية مع الحكومة أمر وارد وطبيعي فنحن لسنا مجرد أدوات تصويت، نحن نواب برلمانيون نمارس اختصاصات دستورية وندافع عن وجهات نظرنا بكل تجرد ومسؤولية، الحكومة نفسها تقبل الكثير من تعديلاتنا كما تعديلات المعارضة، أما في حالة الاختلاف في قضايا نعتبرها كأغلبية جوهرية قيقع تفاوض ونقاش مع الحكومة ثم نمتثل في النهاية للقرار السياسي في لحظة التصويت فالأغلبية أغلبية والمعارضة معارضة، والا فستفقد العملية السياسية المعنى، ما حدث في مادة التنافي المتعلقة بالوزراء في مشروع القانون التنظيمي لتنظيم اشغال الحكومة صوتت الاغلبية وفق قناعتها رغم تحفظ الحكومة، لقد وقع ارتباك في تدبير العملية داخل اللجنة في ظروف خاصة وهو ما تم تداركه في الجلسة العامة، وهو امر عادي يتيحه النظام الداخلي، أما بخصوص مشروع قانون هيئة النزاهة فقد قدمنا كأغلبية تعديلات قوية وجوهرية لم تقدمها المعارضة، لم توافق الحكومة على تغيير التصور الذي بنت على اساسه مشروع القانون، حدث نقاش وتفاوض عسير افرج عن الصيغة التي تم التصويت عليها، هل تستجيب لطموحاتنا كأغلبية؟ السياسة واكراهاتها لا تتيح دائما امكانية تحقيق الاهداف التي تسطرها او القناعات التي تؤمن بها، وهو اصعب ما في السياسة، هذه الحكومة أسست لعلاقتها مع الاغلبية لمنطق جديد لا مجال فيه للتحكم والهواتف والتمرير، لذلك يستغرب الملاحظون أن من يناقش و يحاور ويختلف مع الوزراء فيقنعهم أو يقنعونه هم نواب الاغلبية وليس نواب المعارضة الذين نبحث عنهم في مواقف فلا نجدهم، أظن ان الامر ايجابي دون ان يمس لحظة القرار بالالتزام الواجب لضمان استمرار التجربة واستقرارها.

4-  يلاحظ أن آمنة ماء العينين،  من أشرس معارضي فرق المعارضة في مجلس النواب، وكثيرا ما لا تترك فرصة انتقاذ نواب المعارضة لأداء الحكومة تمر دون أن ترد الصاع؟ لنسألك هل هذه طريقة مثلى للتعامل مع المعارضة؟ ليكون السؤال أشمل كيف ترى ماء العينين علاقة المعارضة بالأغلبية اليوم؟

•  أنتقد المعارضة بالشراسة اللازمة حين تنتهج أساليب عتيقة قائمة على التضليل وتزييف الحقائق والوقاحة في القول والسلوك، واحترم كثيرا المعارضة البناءة والرزينة التي تخلق البدائل وتدافع عن قضايا حقيقية وتنتقد ما يجب انتقاده في مبادرات الحكومة فهي ليست حكومة ملائكة، كنت اطمح لمشهد سياسي متكافئ يحتكم لصناديق الاقتراع ويفرز أغلبية منسجمة ومعارضة خلاقة، مشهدنا السياسي بئيس وباهت حين يتعلق الامر بالنقاشات الحقيقية المنتظرة لخلق تغيير حقيقي، لدينا معارضة فاقدة للمصداقية تمارس المزايدة وتمتهن العرقلة ونسف المبادرات للتغطية عن عجزها وهو أمر يجب مواجهته وهو ما أقوم به كلما دعت الضرورة لذلك، إنها مواجهة لاستبداد مقنع وتصدي لنزعات التحكم التي تتمظهر أحيانا في السلوك البرلماني، وبذلك فالعلاقة بين الاغلبية والمعارضة غير سليمة لان مستوى المعارضة متدن جدا وهو أمر ليس بغريب بالنظر إلى طبيعة الاشخاص الذين يقودون المعارضة، بالمقابل الكفاءات الجادة الموجودة في المعارضة على قلتها فنحن نتعامل معها تعاملا راقيا مؤسسا على الاحترام و التعاون و الصداقة.

5- عادة ما تتحكم المواقع في ترتيب المواقف داخل الاحزاب. انت عضو بالحزب والحركة هذا ما يجعلني أطرح السؤال التالي،  أين تبدأ علاقة آمنة بالحزب والحركة وأين تنتهي؟

•  انتميت لحركة التوحيد والاصلاح قبل انتمائي للحزب، غير أن ميولاتي النقابية والسياسية تظل غالبة منذ سن مبكرة، اؤمن كثيرا بالدور الذي تلعبه الحركة واعرف ان نقطة القوة الكبيرة بالنسبة للحزب هو قيام الحركة بأدوارها التأطيرية والتربوية، لقد خرجت اجيال من النخب النزيهة التي تمارس السياسة بأخلاق واستنادا على قيم صنعت تميز العدالة والتنمية، اتمنى ان تستمر العلاقة بين التنظيمين قوية ومتينة حيث يؤديان ادوار متكاملة، انا ادين للحركة بالشيء الكثير.

6-  عادة ما يتم تسويق حزب العدالة والتنمية على انه حزب كبير يعتمد شفافية المناصب، لكن هذه الصورة وفق ما أنقل إليك من رجل الشارع هي صورة مزيفة ومضللة في الكثير من الأحيان، فالعدالة والتنمية يسير بمنطق اقرب لما يمليه القائد، وتبقى الديمقراطية مجرد صورة مشوبة بالكثير من الشك. هل توافقين على الرأي؟

•  الديمقراطية قيمة نسبية، ثقافة التنظيم كتنظيم تجعل سقف الديمقراطية مهما علا سقفا محددا والا ما استمرت التنظيمات حيث الاختلاف وتعدد وجهات النظر، حزب العدالة والتنمية حزب ديمقراطي حقيقي يستند الى قوانين داخلية وبنية مؤسساتية متطورة لا يمكن مجاراتها على صعيد الحياة الحزبية المغربية الباهتة في معظمها، لدينا ضوابط وقوانين والمساطر كفيلة بكبح جموح النزعات الذاتية التي قد تظهر هنا او هناك ما دمنا حزبا يدبره البشر، فاليوم قد تملك زعيما ذو مواصفات استثنائية، زعيما بمواقف رجولية غير انك لا تضمن مواصفات زعيم الغد، الحرص على الحزب حرص على رصيد بني على قيم ومبادئ رفيعة منحته مكانة يبحث عنها آخرون بالمال والسلطة والترهيب و لا يصلون اليها، لذلك أومن شخصيا بالمؤسسات داخل الحزب وبقوة القوانين الداخلية التي ستحصن الحزب وتسلمه للأجيال اللاحقة قويا متماسكا وادافع عن ذلك ما استطعت الى ذلك سبيلا رغم ايماني بان تميز عبد الاله ابن كيران وشخصيته الكاريزمية الاستثنائية منح للحزب الشيء الكثير، كما أومن ان ابن كيران رجل كبير مهما كان، اختلفت معه او اتفقت، غير انه لا ضمانات تقي الحزب من امكانية ظهور زعيم لا يؤمن بالديمقراطية الداخلية، الضمانة بعد الله تكمن في المبادئ وفي صرامة القوانين والضوابط الداخلية وقوة المؤسسات بعيدا عن تطلعات وحسابات الافراد، عموما تدبير العدالة والتنمية وديمقراطيته الداخلية الحقيقية مدرسة لباقي الاحزاب البعيدة كل البعد عن معاني الديمقراطية.

7-  في الواجهة الانتخابية، يراهن حزب العدالة والتنمية على توسيع حضوره في مجالس الجماعات الترابية التي ستشكل الوعاء الانتخابي لمجلس المستشارين في صيغته القادمة. هل لك أن توضحي لنا ما الدور الذي يمكن للقيادة في  حزبك أن تفعله، لضمان حضور وازن لحزبكم في هذه الانتخابات، خاصة وأن الامين العام للحزب كشف يوم الأحد الماضي عن كون العدالة والتنمية لن يترشح في كل الدوائر؟

•  من الطبيعي ان لا يغطي الحزب كل الدوائر في الانتخابات الجماعية لاعتبارات موضوعية بالنظر لكونه حزب شاب حديث النشأة مقارنة مع أحزاب أخرى خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار كونه حزب يتطور تدريجيا بناء على امكانياته النضالية ولا يتم حقنه باي نوع من المنشطات، كما ان معايير اختيار مرشحيه عبر مساطر صارمة يعتمدها المجلس الوطني للحزب تجعل انفتاحه مؤطرا، لسنا حزبا يرشح من هب ودب فقط للحصول على أكبر عدد من المقاعد، توسيع قاعدة المشاركة مع الحرص على اختيار مرشحين اكفاء نظيفو اليد اصحاب ضمير، معادلة غير بسيطة في الممارسة الحزبية لذلك يسعى حزب العدالة والتنمية الى التدرج والتعاون مع الآخرين.

حاورها الجيلالي بنحليمة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق