آش بان ليكم.. نرجعو ل«سنوات القرطاس»؟

لكنه اليوم كان مجبرا على إقفال المحل وطلب السلامة، بدل أن يهجم «الهوليغانز» القادم من الرباط.
جمهور الجيش الملكي وجمهور الدار البيضاء.. دائما ما تتكرر نفس الحكاية: مواجهات وتكسير لواجهات المحلات وزجاج السيارات المركونة، وسب وشتم ل«اولاد كازا»، ورفع شعارات عدائية. لا أحد يعرف من يشجع عليها ومن يدفع بهذه الأمواج البشرية إلى التصرف بتلك الطريقة الانكشارية.
الأكيد أن هناك من يستلقي ضحكا على ظهره وراء الكواليس، فرحا بهذه «النتيجة»، وربما هناك من يقول سرا أو جهرا: لقد نلنا منهم هذه المرة في عقر دارهم.
هذه هي كرة القدم على الطريقة المغربية. الروح الرياضية غائبة، والإلترات معدومة الدور. تحاول هذه الروابط الصغيرة بإمكانياتها البسيطة تنظيم ما لا ينظم، وتحسين أداء المحبين داخل الملعب، بالرفع من مستوى الشعارات، وتحويل مناسبة المباراة إلى فرجة حقيقية وإلى عرس رياضي.
الرياضة ليست بعيدة عن السياسة، فالمنتخبون أيضا يحضرون بشكل أو بآخر في ملاعب الكرة، أغلبهم «يمونون» فرقا متحركة من الجمهور، وبعض هذه الفرق «تبدع» من تلقاء ذاتها، وتختط لنفسها تيارا واسعا من العنف، وتريد أن تتحول إلى قوى تأثير لإشاعة العنف والسلوكات السلبية.
توفير البوليس لا يكفي، فالمقاربات الأمنية تتحول إلى لا شيء، ضد هذه القوة البشرية الشابة الهائلة، التي تندفع بشكل أحمق بعد نهاية كل مباراة، كي تكسر وتدمر وتستل المُديات من بين ثنايا السراويل.
أصبحت مباريات الكرة في الدار البيضاء كابوسا حقيقيا. السكان يسارعون إلى الدخول المبكر، بعضهم يترك المكان لفترة ويغادر المدينة حتى اليوم الموالي، والأمهات ينتظرن بفارغ الصبر عودة المراهقين الذين يحجون إلى الملعب مع «عصاباتهم» الصغيرة. بعضهم يعود بكدمات أو ب«خياطة» في الوجه، والبعض الآخر يمضي وقتا إضافيا في مخافر الشرطة من أجل الاستماع إليه.
أول البارحة كانت الدار البيضاء تعيش تحت رعب حقيقي، فأعشاش الجريمة تفرخ في مثل هذه المناسبات وتتجول السكاكين بحرية، ويتحول الأمن إلى نقطة صغيرة في شلال هادر.
التاجر الفاسي أكثر غضبا، يخلص في حديثه إلى النتيجة التالية: «هاد البشر ما خصوش الكرة، خاصو لعصا». سائق التاكسي يعزز كلامه، ويسرد حكايته مع ابنه، ويطالب بعودة «التجنيد الإجباري» و«الأعمال الشاقة». يقول: «شتي نكول ليك، كون كانت باقا عندنا ليطرافو فورصي، كون راه بوه تا واحد ما يهز الراس».
نتفق جميعا على أن «الضصارة» هي التي ساهمت في تفريخ هذه الظواهر العنيفة. لكن ما هو الحل؟ خاص الصطافيط تتحرك شي شوية. آش بان ليكم.. نرجعو ل«سنوات القرطاس»؟!

حكيم عنكر نشر في المساء يوم 15 – 04 – 2013

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق