تيوغزة: قانون التعمير بين التطبيق والتوظيف السياسي

نجد الدولة تتدخل لوضع أسس عمرانية وقانونية ألزمت مراعاة قواعدها، فعهدت إلى السلطات الإدارية مهمة المراقبة و الإشراف والترخيص وتتبع كل ما له ارتباط بهذا القطاع.
كما تولت الدولة سن عدة نصوص زجرية بمعاقبة كل من سولت له نفسه مخالفة القوانين المتعلقة بميدان التعمير، بالإضافة إلى تدخل كل من الإدارة والقضاء لإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه وذلك بهدم البناء المخالف..
تحديد حالات التجريم في قانوني التعمير
حالات التجريم في قانون التعمير (القانون رقم 90-12 )، من خلال القيام ببناء جديد أو تعلية أو توطئة للأرض من شأنها تغيير حالتها، في الأراضي التي يشملها الطريق المحدث بمقتضى قرار رئيس المجلس الجماعي (وهي أعمال ممنوعة طبقا لأحكام الفقرة 2 من المادة 34 من قانون التعمير). والقيام ببناء دون ترخيص بذلك (وهو الترخيص الذي يمنح بمقتضى المادتين 40 و 42 من قانون التعمير)، واستعمال المبنى دون الحصول على رخصة السكن أو شهادة المطابقة (طبقا لمقتضيات المادة 55 من قانون التعمير)، وتغيير الغرض الذي خصص للمبنى بعد الحصول على رخصة السكن أو شهادة المطابقة (طبقا للمادة 58 من قانون التعمير).
وخرق ضوابط البناء العامة أو الجماعية المنصوص عليها في المادتين 59 و 61 ( و هي المتعلقة بشروط السلامة و متطلبات الصحة و المرور و قواعد استقرار المباني ومثانتها وشروط التهوية وتدابير الوقاية من الحريق وطرق الصرف الصحي والتزويد بالماء الصالح للشرب)، وخرق ضوابط التعمير.
كل هذه الحالات تضمنتها المادة 66 من قانون التعمير، وحددت المواد من 71 إلى 75 العقوبات والتي هي عبارة عن عقوبات مالية لا تتجاوز في أقصاها 10 ملايين سنتيم.
و في إطار تحديد المسؤولية الجنائية في قوانين التعمير، يتعين التمييز بين مسؤولية الشخص المخالف ومسؤولية الجهات المكلفة بضبط مخالفات التعمير.
1- المسؤولية الجنائية للشخص المخالف
يعتبر مخالفا كل شخص ثبتت في حقه إحدى حالات التجريم المنصوص عليها سواء في قانون التعمير أو في قانون التجزئات العقارية، مما يرتب مسؤوليته الجنائية التي تؤدي إلى الحكم عليه بالعقوبات المنصوص عليها في قوانين التعمير، ما لم يثبت في حقه ارتكاب أفعال يجرمها المشرع بمقتضى القانون الجنائي كالإرشاء أو استعمال وثيقة مزورة و غيرها …
2- مسؤولية الجهات المكلفة بضبط مخالفات التعمير
حددت قوانين التعمير الأشخاص المكلفين بمعاينة المخالفات المتعلقة بها، و هم ضباط الشرطة القضائية، و يدخل ضمنهم رجال الأمن الوطني و الدرك الملكي الذين يحملون صفة ضابط الشرطة القضائية حسب مفهوم المادة 19 من قانون المسطرة الجنائية، و الباشوات والقواد.
موظفو الجماعات المكلفون بمراقبة المباني أو المفوض لهم بذلك من طرف رؤساء الجماعات المحلية: ويدخل ضمنهم المهندسون والمهندسون المعماريون والتقنيون وكل موظف بالجماعة يعتمده رئيس مجلس الجماعة لذلك .
إن الجهات المكلفة بضبط مخالفات قوانين التعمير، تكون مسؤولة جنائيا في حالة تقصيرها أو تغاضيها عن القيام بمهامها. فقد نص الفصل 250 من القانون الجنائي على معاقبة كل موظف عام تولى استغلال نفوذه أو وضعيته الإدارية لتمكين الغير من الاستفادة والحصول على امتياز، بجريمة استغلال النفوذ. وهي جنحة يعاقب عليها بالحبس من 4 سنوات إلى 10 سنوات. دون الإشارة إلى جريمة الارتشاء في حالة ثبوت طلب أو قبول عرض أو وعد أو تسلم هبة أو هدية أو أية فائدة أخرى من أجل التغاضي عن تسجيل المخالفة المرتكبة.
وعلاقة بالموضوع ، وفي إطار تفعيل قانون التعمير ، أقدم رئيس المجلس الجماعي بتوغزة ( الموقوف حاليا عن مزاولة مهامه لثلاثة أشهر) مؤخرا على تحرير محضر مخالفة ل ” لمعلم مبارك ” بمنزله الكائن بالودادية بعدما قام بتسقيف الطابق الثاني على غرار جيرانه، فتفاجأ باستدعاء من وكيل الملك بتزنيت للمثول أمام المحكمة في الجلسة  التي ستعقد يوم 18/04/2013 ذي ملف جنحي عادي رقم 348 /13 حول الأفعال الآتية: البناء بدون رخصة المنصوص عليها وعلى عقوبتها طبقا للفصول 40 و71 من قانون التعمير.
هذا الإجراء جعل المعلم مبارك قيدوم البنائين بالجماعة (أكثر من 35 سنة في الحرفة) يتساءل:
–    هل أنا ضحية الصراعات السياسية بالجماعة ، بحكم انتمائي لقبيلة أيت إعزة؟
–    لماذا لم تنجز المحاضر لعدد كبير من المنازل بالودادية وغيرها؟
إن الغاية التي كان يسعى إليها المشرع من خلال المهام التي أسندها على المجالس الجماعية وتحديدا في شخص رئيسها هو مسايرة التطور العمراني السريع وضبط حركة البناء في المدن والقرى في إطار قانوني ورقابة إدارية وتقنية فعالة. غير أن الواقع المعاش أثبت وجود تجاوزات في مجال حركة البناء الأمر الذي يجعلنا نتساءل عن جدوى وجود الجهات المعينة والمسؤولة، مع العلم أن أغلب حالات المخالفة تتم عن مرأى من مجالس الجماعات القروية، والأجهزة المختصة دون تحريك ساكن ؟
بقلم الحسين ادابير

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق