الأمازيغية و شبح الانقراض

أيوب بوغضن

لا ينكر الدور الكبير الذي قامت به الحركة الأمازيغية في المغرب إلا جاحد. فهي كحركة اجتماعية ذات بعد ثقافي، أسهمت إلى جانب حركات اجتماعية أخرى، في كتابة تاريخ مغرب ما بعد السبعينيات. و من الإنصاف، بصدق،  أن يُنعت قيدومها الأستاذ ابراهيم أخياط – شافاه الله و أطال عمره – بأحد أعلام المغرب المعاصر.

الحركة الأمازيغية هي التي أعادت الحياة ل”الأمازيغية” ( قضية، إنسانا، لسانا، أدبا ..).

هي التي خلقت دينامية جديدة في المشهد الثقافي المغربي و أثارت أسئلة جديدة، أحرجت مجموعة من الفاعلين و المثقفين؛ حاول بعضهم التفاعل الإيجابي معها: تحدُث الدكتور المهدي المنجرة عن الأمازيغية و دعوته إلى العناية باللغة الأم منذ 1976 و اعتباره أن من باب الحرام منع الطفل من التواصل بلغة كان يسمعها في بطن أمه. الدكتور محمد جسوس أبدى مواقف أيجابية في إحدى ندوات دورات جمعية الجامعة الصيفية أواخر الثمانينات..

الحركة الأمازيغية أسهمت في خلق حس المواطنة لدى فئة من المواطنين: محاربة الأمية و تنمية الوعي في صفوف التجار في بداياتها. كما أنها التفتت بشكل جدي للمسألة الاجتماعية  في أبرز محطاتها؛ على سبيل المثال تأسيس جمعية الجامعة الصيفية جاء بعد ذهاب الأستاذ ابراهيم أخياط في صيف 1979 رفقة أسرته الصغيرة لمدينة أكادير قصد قضاء العطلة الصيفية هناك، و تأثره بالوضعية المزرية التي تسم المدينة و ما أصاب شبابها من ضياع..

الحركة الأمازيغية هي التي لها الفضل الأكبر في إقرار الحماية الدستورية للأمازيغية باعتبارها لغة رسمية في دستور 2011..

الحركة الثقافية الأمازيغية هي إحدى المكونات الطلابية القليلة التي مازالت، نسبيا، تثير النقاش الفكري الجاد في رحاب الجامعة المغربية حول أسئلة الهوية و الثقافة و اللغة..

هذه حسنات الحركة الامازيغية التي لن تُخرم  بإساءات بعض المنتفعين من القضية الأمازيغية، أدعياء النضال من أجلها و المرتزقين حقيقة من الوهج الذي حظيت به في العُشرية الأخيرة.

 

لكن رغم هذه الإنجازات غير المنكورة للحركة الأمازيغية، هناك مشكل عويض تعاني منه القضية. فالحماية الدستورية و انتشار الكتابات عن الأمازيغية و أدبها و شعرها مكتسبات مهمة غير أن نسب التواصل باللغة الأمازيغية أكيد في تراجع و الواقع خير شاهد على ذلك. و بالتالي فشبح الانقراض مازال يهدد اللغة الأمازيغية. و إذا استمرت الأمور على هذه الحال، فلا قدر الله ستتحول الأمازيغية – مستقبلا – إلى لغة تراثية؛ تكون في خبر كان: و يتحدثُ آنذاك عن أدب مضى و شعر ولى يعبر عن تطلعات إنسان بلغة في عداد المنقرضين !

لا نتمنى ذلك، للغتنا الأم التي عاشت سنينا طوال و تعد بحق – كسائر الألسنة و اللغات – آية من آيات الله.

مناسبة هذا الحديث؛ الامتعاض الذي يحس به – كاتب هذه السطور  – من قلة المتحدثين بالأمازيغية في العاصمة (الرباط)  بعدما جاء إليها لإتمام دراسته الجامعية قادما من مدينة تيزنيت. لدرجة أن أحد أصدقائه الذي ينحدر من ذات المدينة، و الذي يدرس في غير المؤسسة التي يتابع دراسته بها، عبر لأحدهم قائلا: ألتقي بصديقي (أيوب) لأتحدث معه بلغتي التي كدتُ أن أنساها من فرط عدم استعمالها في أوساط طلبة المؤسسة التي أدرس بها !

أيوب بوغضن

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. الانقراض الذي سيأتي على اللغة المازيغية السوسية ( تاشلحيت) وهو الخطر، هو ما يقوم المتعصبون للريفية والزيانية بإنتاجه ويقوم السوسيون بحسن نية بقبوله بإدماج ألفاظ اللغتين في لغتهم، فنحن في سوس لا نعرف ما معنى إيعريمن ولا أزول ولا تانميرت ولا أيوز ولا انازور، وشيئا فشيئا ستختفي السوسية وتنقرض لتحل محلها لغة غريبة جديدة ليست مثل التي يتحدثها الصديق أيوب ويأتي إليه صديقه ليتحدث معه بها وليتذكر اوال ن تمازيرت… وخير دليل على ذلك الإشهارات والخبار في التلفاز لا علاقة لها بتاشلحيت التي نعرفها، مثلا إشهار الانتخابات الركيك بتاشلحيت يرد فيه، الحديث عن حق التسجيل في الانتخابات فيقول المتحدث: أزرفينو أورايس رزمخ خ اوفوسينو أي “حقي لن أطلقه في يدي” بينما المقصود “حقي لن ألقيه من يدي” لماذا هذه التعابير الركيكة لأنها ليست تعبيرا شلحيا قحا بل هو ترجمة ركيكة للأسلوب العربي..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق