دور «الكتابة» في تنشيط «ذاكرة» التلميذ ومراجعة دروسه 

الكتابة

تلعب التربية للطفل دورا كبيرا في تفعيل نشاطه الشفهي الذي يستعمل فيه رصيده اللغوي، كون اللغة «الشفهية» حسب خبراء اللغة مسألة معقدة وتتطلب مستوى من التآزر البصري والحركي، فالتلميذ في مراحله التعليمية الأولى لا يفرق بين الأصوات «اللثوية» والأصوات «الشجرية» في تعلمه اللغة بشكل صحيح. 
يمر الطفل بمراحل عديدة في تكوين شخصيته بدءا من ما قبل المدرسة، أي الروض، القسم التحضيري أو المدرسة القرآنية التي يكتسب فيها الطفل الأساسيات من الكتابة والقراءة وحفظ بعض التعاليم الدينية وآداب التعامل مع الآخر، وهي مرحلة تؤهله للدخول إلى المدرسة، وباعتبارها نظاما يتهيأ فيه الطفل ليحتل مكانته في المجتمع، تلعب المدرسة دورا كبيرا في تنمية القدرات المعرفية للطفل وإعدا ده فكريا، فالمدرسة لم تظهر كوسط أخلاقي منظم ولم يكن بإمكانها أن تظهر حسب تعبير عالم الاجتماع « دوركايم» إلا في فترة محددة من الحضارة الإنسانية، حيث كشفت الدراسات السوسيو تاريخية، الأسباب السوسيو سياسية لظهور المدرسة التي تقوم بالدور الأساسي في تلقين القيم والأفكار والإحساسات، وبهذا تحولت التربية إلى تنشئة اجتماعية تسير على منهاج معين، أي عملية تغيير عميق وكلّي يؤدي بالفرد إلى أن يغيّر جذريا نظرته للعالم على مدى حياته، وأصبحت هناك علاقة وطيدة تربط المدرسة والطفل والتنشئة الاجتماعية، في المسار التاريخي لعملية التمدرس، وتعلم القراءة والكتابة ويعتبر هذا التطور من أهم المنعطفات المميزة لمرور الطفل من الشفاهي إلى الكتابي، وهي تشكل الرأسمال الثقافي للطفل، فالتنشئة الاجتماعية تلعب دورا كبيرا في تماسك المجتمع وانتمائه إلى الآخر، بحيث لا تقوم عملية التنشئة إلا في وسط اجتماعي، وقد أجمع العلماء على أن تنشئة الطفل تبدأ منذ بداية مراحل حياته، أي في الأسرة ثم الروض وأخير
ا المدرسة.
ويرى السوسيولوجي الفرنسي «بيار بورديو P. Bourdieu « في كتابه «إعادة الإنتاجla reproduction « أن اللغة المتعلمة في المدرسة لم تعد لغة فئة اجتماعية معينة، بحيث تمكن اللغة المدرسية المرور من التحكم العملي إلى التحكم الرمزي، ف: «الكتابة» تساهم إلى حد ما في تخريج» الذاكرة» وكل ما هو مكبوت لدى الطفل، هذا التحول البيداغوجي مرتبط حسب الأخصائيين في المجال التربوي وعلم الاجتماع بما يسمى ب: «النموذج « أي المعرفة المكتوبة الموجودة في الكتب المدرسية، والتي من خلالها يكتشف المربي أو المعلّم الطفل كنموذج بيداغوجي وثقافي، وهو يتم بتحديد شروط معينة أهمها انتشار التمدرس، التغيير العائلي ووجود المرأة داخل وخارج العائلة، وكذا انتشار المعارف السيكولوجية، وكم تعاني مؤسساتنا التربوية من هذا العنصر السيكولوجي، وعلى هذا الأساس يكون النشاط التربوي مشتركا بين العائلة الصغيرة، أي الأسرة والمؤسسات التربوية، بدءًا من ما قبل ابتدائية، أي الروضة والمدرسة القرآنية، التي تمكن الطفل من المبادئ الأولية لعملية التعلم والتدرج على الطرق البيداغوجية، وطرائق التدريس التي تستهدف تطوير القدرات العلمية والمعرفية عند الطفل وتنميتها
بالطرق المناسبة لمثل أعمارهم وتأهيلهم لدخول المدرسة فيما بعد، وتذليل كافة العقبات التي قد تعيق الطفل، حيث أصبح التعليم «ما قبل المدرسي» يكتسي طابعا مميزا وأهمية كبرى في المجتمع..
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق