فقيه بسيدي إفني : كونوا كالأشعريين ” في مجال النكبات، التي خلفتها الفيضانات” 

Présentation12


ما أحوجنا اليوم إلى القلوب الرحيمة التي تدفعها الفطرة السليمة ، والإنسانية النبيلة 
لتصنع الحياة ، وتبني الأمل ،وتزيل الدمع عن أعين المكلومين …
وما أشد حاجتنا إلى الأفكار النقية ، التي تراقب الواقع بعيون الحنان ، وتلامس الجروح بالأكف البيضاء، شعارها : ” ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ” وإعلانها ، أنت مني وأنا منك ، يسوؤني ما يسوؤك ، ويشغلني ما يضرك ..
وما أجمل أن نتجاوب مع توجيه الإسلام الخالد ، الذي يدعوا المسلمين فرادى وجماعات إلى التكافل فيما بينهم في كل شؤون الحياة وخصوصا عند المدلهمات …
إنه لمن الواجب : أن يسارع كل مسلم غيور إلى تفريج كربة عن أسرة مات عائلها في هذه الأحداث … فهان أمرها بعد العز وأصابها الضعف بعد القوة …
ومن أوجب الواجب : أن يَقسم لقمته ويسمح في وقته وقوته ، لإعانة من افتقر بعد الغنى ، وأصبح بعد المكانة العالية والعز الشامخ ، في عداد المجهولين …
ومن الواجب كذالك أن يساعد من أصيبوا بالغرق فيواسيهم مصابهم ويدخل السرور على قلوبهم ….
ولا يكفي فقط الشعور بالتعاطف السلبي بأن نكتفي نَِلَعن الظلام ،دون أن نتقدم لنُشْعل شمعة بل لا بد أن يصاحبَ التعاطفَ فعل إيجابي يترك الأثر .
علينا إذاً أن نبدأ بأنفسنا بأن نعمل و نشجع بعضنا البعض لتحقيق التكافل بين المجتمع كي نبرأ أنفسنا أمام الله تعالى يوم القيامة بأننا أعطينا و أصلحنا قدر ما استطعنا و هذا أضعف الإيمان ..
إن إعانة المنكوب والمكروب من أبرز دواعي تكافل المجتمع المسلم، فَيحتاج من أصيب بمصيبة أتت على حاله ..، إلى مد يد العون له ، ليشْعُر أن أفراد المجتمع قريبون منه .. يأخذون بيده ، ويدفعون عنه عوادي الأيام والليالي …
وإذا لم يتحقق ذلك حَقَدَ الفرد من المجتمع على بقية أفراده ، وأضمر لهم الكراهية ، وتمنى الإيقاع بهم في كل مناسبة ، وقد يدفعه هذا الشعور إلى ارتكاب الجريمة للحصول على المال ، وتعويض مصيبته بأي وسيلة كانت …
بل لا يكون المجتمع ” مجتمعاً مسلما ” بالمعنى الشامل ، إلا إذا كان متكافلاً تسوده المحبة والوئام ، وتنتشر في سمائه العدالة ، ويظهر بين أوساطه الإيثار …
والأيات والأحاديث التي تحث على عون المنكوب والمكروب ، كثيرة ومتواترة ..
ومنها على سبيل المثال قول النبي صلى الله عليه وسلم : (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة).
وقوله صلى الله عليه وسلم : (من كان معه فضل ظهر فليعبد به على من لا ظهر له ومن كان له فضل زاد فليعبد به على من لا زاد له) رواه مسلم
وقوله صلى الله عليه وسلم : “أيما أهل عرصة أصبح فيهم امرؤ جائعا، فقد برئت منهم ذمة الله و رسوله”.
إن هذه التوجيهات النبوية الصادقة التي تحث على التوادد والرحمة والتعاون ، وتؤكد على إعطاء فضل المركوب والزاد …، تدل دلالة واضحة على حرص الإسلام على إيجاد مجتمع متكافل ومتوازن ، تسوده المحبة والإخاء ويهيمن عليه الإخلاص والوفاء .
وقد نقل عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يقول : “إني حريص على ألا أدع حاجة إلا سددتها ما اتسع بعضنا لبعض، فإذا عجزنا تآسينا في عيشنا حتى نستوي في الكفاف”.
وما أحسن شهادة النبي صلى الله عليه وسلم للأشعريين ، حين انبهر بموقفهم ، وافتخر بأخلاقهم ، وأعجبه ذاك التكافل الذي كان من عادتهم ..
قال عليه الصلاة والسلام : ” إن الأشعريين إذا أرملُوا في الغزوِ، أو قل طعام عيالهم بالمدينة، جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموهُ بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني وأنا منهم ” رواه البخاري .
والمعنى : كانوا إذا فني طعامهم أوكاد أن ينقضى جمعوا ما بقي وقسموه بالسوية.
إنها عادة عظيمة يتجلَّى فيها الإيثار والمواساة والتكافل في أجمل صورة .
وما أحوجنا اليوم أن نكون كالأشعريين …


بقلم ابراهيم ادحمد أمام مسجد ابوبكر الصديق سيدي إفني
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق