منع الأستاذ من التحصيل العلمي، خرق للقانون باسم المصلحة

لحسن أمقران

في حلقة جديدة من مسلسل الإجهاز على حقوق رجال التعليم ونسائه والحط من كرامتهم، أبى السيد وزير التربية الوطنية إلا أن يعدم طموح فئة عريضة من هؤلاء بقراره منعهم من حق متابعة الدراسات الجامعية بدعوى باطلة تحفظ له بعض المساندة القليلة ممن لم يستوعبوا بعد حيثيات القرار ومراميه.

إن الحق في التعليم حق تحفظه وتضمنه القوانين الدولية قبل القطرية، كما أنه حق دستوري لا يعقل التطاول عليه، خصوصا ممن يفترض أن يسهروا على حفظ الحقوق والواجبات من المسؤولين. فتذرع الوزارة الوصية بهدر الزمن المدرسي يحمل مغالطة كبيرة وجب التنبيه إليها، فالتشريع المدرسي واضح ومسطرة التغيب والانقطاع عن العمل أكثر من واضحة، وكان على السيد الوزير إعمال القانون بدل خرقه وهضم حقوق رجال التعليم ونسائه.

إذا كانت متابعة الدراسات الجامعية تعطل المصالح التي يشرف عليها الطلبة-الموظفون، فلماذا يا ترى لم يشمل قرار المنع الجائر موظفي باقي القطاعات الوزارية الأخر؟ الجواب بسيط، فكل الإدارات والقطاعات تشجع موظفيها على التحصيل العلمي  والارتقاء المعرفي، إلا وزارة “العلم والتحصيل” التي لا تتوانى في تحطيم موظفيها نفسيا عبر تكريس الصور النمطية وخدمة الفوارق بشتى أنواعها سعيا الفئوية . وزارة تريد موظفين بمستوى محدود ل”قولبة” مواطن بوعي محدود جدا.

لقد كان قبول تسجيل الموظفين وخصوصا رجال التعليم ونسائه بالجامعات المغربية يخضع لكثير من المزاجية بدل الامتثال لشروط الولوج المعلن عنها، وكان مسألة البحث عن وسيط من الأعوان داخل المؤسسات الجامعية  معمولا بها، قبل أن تفرض الجامعات مسألة تقديم “طلب” وانتظار جواب عميد الكلية، ثم الإنتقاء بناء على حداثة شهادة الباكلوريا، علاوة على ضرورة تنفيذ وقفات واعتصامات أمام مكتب العميد قبل قبول المحظوظين، الى جانب أساليب نستحيي من ذكرها. كلها إذا طرق ملتوية ومثبطات ابتدعتها سلطاتنا التربوية للحد من الإقبال المتزايد للأستاذات والأساتذة على التحصيل العلمي،  ويبدو جليا اليوم أن ذلك كان مقصودا من الوزارات الوصية  منذ سنوات استعدادا لاتخاذ القرار النهائي بعد الإعداد المنهجي واختيار الوقت “المناسب” لذلك.

تحدث صاحب القرار عن الاستيداع الاداري أو التفرغ لاستكمال الدراسة ناسيا أن جل رجال التعليم ونسائه أقرب الى الطبقة الفقيرة من الطبقة الوسطى، ولجلهم التزامات لا يستقيم معها هذا الطرح الذي ينم عن جهل بين بأحوال معظم الشغيلة، هذا مع تذكير سيادته بكون مسطرة الاستيداع الاداري في وزارته أكثر من معقدة لمن قد يناسبهم هذا الحل الترقيعي، بل وحسب علمي لا يوجد مبرر متابعة   الدراسة ضمن الشروط  التي تضعها الوزارة لقبول الطلب.

ويبقى أكثر ما يحز في النفس التفاعل السلبي للنقابات التعليمية التي اكتفت ب”تنبيه” الوزير إلى حالة “الاحتقان” التي سيخلقها هذا القرار، بدل الإقدام على خطوات شجاعة وذات مفعول آني لكون الأمر يتعلق بخرق سافر للقوانين الجاري بها العمل وطنيا ودوليا. وللتاريخ نقول إن تعاطي النقابات مع الملف الى جانب الملفات الأخرى، أصبح تعاطيا إنبطاحيا يغلب مصالح القيادات على مصلحة الشغيلة.

إن حرمان الأساتذة من تلبية طموحاتهم المشروعة سيكون له وقع سلبي كبير على معنوياتهم مما سيؤثر مباشرة على مردوديتهم داخل الفصول، وكان على الوزارتين الوصيتين على الملف، إقرار إطار خاص  ملائم وبرمجة مناسبة لمواعيد الامتحانات يمكنان من الاستجابة لطموحات الأساتذة الدراسية دون الإضرار بمصالحهم أو مصالح التلاميذ، عوض هذه المعالجة السطحية والارتجالية التي تنذر بمزيد من الاحتقان الذي يكون المتعلم أول ضحاياه.

بقلم : لحسن أمقران

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق