د. عمر حلي : نسعى لفتح مؤسسة جامعية كل سنة لتجاوز الاكتظاظ والارتقاء بالتعليم العالي

omarhali

في هذا الحوار يتحدث رئيس جامعة ابن زهر د. عمر حلي عن واقع التعليم العالي بجهة سوس ماسة درعة، عن مواطن ضعفه ونقاط قوته، ويبسط معالم المستقبل من خلال المشاريع المنجزة والتي في طور الانجاز لتجويد الحياة الجامعية وربط التنظير بالممارسة والتكوين بسوق الشغل.

بداية د. عمر حلي ريس جامعة ابن زهر (أكادير) ماهو تقييمكم لعشرية الإصلاح الجامعي؟

الإصلاح هو ورش يجب أن يظل مفتوحا، فالكثيرون يعتبرون الإصلاح وصفة جاهزة، والحال أن الأمر يرتبط بتصورات طموحة، فالمغرب اختار منذ 2003 الانخراط في الهندسة البيداغوجية الثلاثية (إجازة-ماستر-دكتوراه)، وكان لا بد من أن يمارس ويجسد على أرض الواقع حتى تتضح نقاط قوته ومواطن نقصانه .

وبعد مرور عشر سنوات هناك تأمل ثان و محاولة إطلاق دفعة ثانية لنفس التصور، وقد تبين أن هناك بعض الأشياء تعتبر إيجابية كتسريع وتيرة الإصلاح، وتشجيع حركية الطلبة ،والانخراط في نظام دولي مشابه لنظامنا البيداغوجي، وقد وجد هذا النظام عند الطلبة مقاومة في البداية، لكن بمجرد تشرب الطلبة له  واستشرافهم لمعالمه تقبلوه وانخرطوا فيه. فأصبحت السنة الجامعية بفضل نظام المجزوءات والوحدات مليئة بالعمل، وقلما تعرف فيه الكليات  والمدارس ارتخاء.

المعضلة التي لا تزال تطرح تحديات كبرى خاصة في  الكليات المفتوحة الاستقطاب هي الاكتظاظ بسبب تدفقات الطلاب السنوية ،حيث ازداد عدد هم بشكل يتجاوز الطاقة الاستيعابية  وهو ما انعكس سلبا على التأطيرين الإداري والتربوي.لذلك فالمجهود يجب أن يبدل في اتجاه توفير الموارد البشرية وتعزيز بنيات البحث العلمي والمرافق و الخدمات وإدماج الطلبة في مشروع الارتقاء بالحياة الجامعية وتجويدها.

هل يمكن أن نستخلص من كلامكم أن الهندسة البيداغوجية الثلاثية ستمتد لعشرية ثانية؟

هناك ورش فتح منذ السنة الماضية لتصويب هذه الهندسة البيداغوجية الثلاثية لتجاوز نقاط الخلل ومواطن الضعف، بالمقابل يجب أن نعترف أن هذا النظام منحنا إمكانية تقديم تكوينات جديد لم يكن للجامعة قبيل بها.

ذكرتم أن الكليات ذات الاستقطاب المفتوح تعرف  انخفاظا في طاقتها الاستيعابية، هل اتخذتم بعض التدابير الاستشرافية لتوسيع العرض التربوي ودعم بنيات الاستقبال بجامعة ابن زهر؟

تعلمون أنه منذ 2011 إلى الآن أضفنا في جامعة ابن زهر 40 بالمائة من طاقتها الاستيعابية، مقارنة بما كانت الوضعية  عليه في الفترة ما بين  1984 و 2011. وهذا المجهود الذي بذلته معنا الوزارة ومختلف الشركاء جعل جامعة ابن زهر ترفع نسبة استغلال المقعد، فقد كنا في وضعية كارثية  ونحن اليوم في وضعية ضاغطة.

ونحن اليوم نستشرف المستقبل ببناء مؤسسة كل سنة ، ففي السنة الفارطة فتحنا المدرسة العليا للتكنولوجيا  بكلميم وفي هذه السنة فتحنا ملحقة جامعية جديدة بطراز عال  تحوي أربعة مدرجات و56 قاعة، ساعدت على تقليص الضغط الحاصل على الكليات الثلاث بأكادير.

وفي الموسم الجامعي المقبل سينطلق العمل في المدرسة العليا للتكنولوجيا بالعيون، كما أننا بصدد استكمال مشروع بناء مدرسة المهندسين، زيادة على ما قمنا به لتأهيل ودعم المؤسسات الموجودة من خلال تزويدها بالمختبرات والمدرجات والمكتبات.

والمشروع الذي نحن بصدد استكمال بنائه هو القطب الجامعي بآيت ملول الذي سيأوي أربع  مدرجات وخمسين قاعة وستنضاف إليه ثلاثة  مدرجات كبرى للمساهمة في التخفيف من حدة الضغط على كليات أكادير و التنفيس من معاناة الطلبة في التنقل من آيت ملول وإنزكان إلى أكادير.

مؤخرا حازت جامعة ابن زهر على المرتبة الأولى وطنيا في إصدار المنشورات العلمية، ماهو تقييمكم لحصيلة البحث العلمي بالجامعة؟

البحث العلمي في جامعة ابن زهر مر من مرحلة الهيكلة من قبيل توفير مختبرات البحث، ونحن اليوم في مرحلة دعم و تقوية الشراكات حيث نحتل في الوقت الراهن المرتبة الأولى في منشورات العلوم الإنسانية وطنيا. وهذا لم يأتي من فراغ و إنما هو ثمرة جهد الأساتذة والطلبة الباحثين .

ولدينا حاليا مشاريع مع عدد من المتدخلين والباحثين المغاربة والأوربيين  في مجالات الطاقات المتجددة والسينما و الثرات والزعفران والفقه وتاريخ المنطقة .وهذا مكن الجامعة من أن تصبح حاضرة الجهة.

منذ انطلاق ورش الإصلاح الجامعي، تم إدراج تكوينات مهنية لربط التكوين بسوق الشغل، ما هو تقييمكم لهذه التجربة ؟

التجربة تجيب عنها الأشياء المحيطة والمواكبة لها، وهذا يستشف من خلال ارتفاع عدد الطلبات التي تتلقاها سنويا هذه التكوينات، ففي سنة 2004 كان هناك عزوف من طرف الطلبة عن الإجازات المهنية في الجامعة المغربية، واليوم نتلقى آلاف الطلبات من أجل ولوج سلكي الإجازة المهنية والماستر المتخصص، ففي الكلية المتعددة التخصصات في تارودانت، والكلية المتعددة التخصصات في ورززات لدينا تكوينات مهنية مشرفة في السينما واللغات المطبقة والعمل الاجتماعي والصناعات الغذائية.

وفي كلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير لدينا تكوينات أثبتت جدارتها من قبيل  الإجازة المهنية في التحرير الصحفي، و تدريس اللغة الإنجليزية، والتنشيط الثقافي والمسرحي وغيرها من التكوينات.

وهذا مسار لا محيد عنه لإنجاح الجامعة المغربية وربطها بمحيطها السوسيو اقتصادي والبيئي، وربط التكوين بالتنمية، وتأهيل الطالب المواطن  للاندماج في الحياة وفق مشروع.

في نفس السياق د. عمر حلي ، هل هناك مواكبة للطالب ما بعد التكوين الجامعي لتيسير اندماجه في سوق العمل؟

التداريب لازالت فيها بعض المشاكل والصعوبات، لكن يمكن تجاوزها بمد جسور الثقة، فالجامعة فضاء تكوين بامتياز، فالآلاف من الطلبة والموظفين والعاملين في مختلف القطاعات يتقاطرون سنويا على المؤسسات الجامعية، و بالتالي فهناك طلب اجتماعي يلزمنا الالتفاف حوله، وتقوية الثقة بين الجامعة ومحيطها الاقتصادي والاجتماعي.

د. عمر حلي، متى ستكتمل باقة الكليات والمدارس في جامعة ابن زهر؟

إن شاء الله نحن بصدد التهييئ لإطلاق مشروع بناء كلية الطب، لأن بناءها يستتبع بناء مركز استشفائي، وكلاهما يعتبران من المؤشرات الأساسية في التنمية البشرية.

و أنا سعيد جدا بكوننا استطعنا من خلال مجهودات مختلف الشركاء بما فيهم السلطات المحلية أن نوفر وعاء عقاريا لاحتضان هذين المشروعين.

والوزارة قد وفرت من الآن 10 مناصب مالية لأساتذة أطباء يباشرون تداريبهم لولوج المؤسسة التي ستكون لا محالة إضافة نوعية في الجهة.

كلمة أخيرة

الجامعة محتاجة إلى التفاف كل المكونات حولها، ومحتاجة كذلك إلى مصداقية البحث العلمي، والتريث ومتابعة كل القضايا بدقة، علاوة على  تصويب مواطن الخلل متى وجدت.

وتظافر الجهود، ومحتاجة أيضا أن تكون جامعة منفتحة على محيطها، لاستجماع القوى لتأهليها للعب دورها الأساسي في التكوين والبحث والتنمية.

حاوره: سعيد أبوعنان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق