حرية الصحافة وأخلاقيات المهنة: محور ورشات إعلامية بأكادير  

تكريم أكادير

بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، نظم المركز المغربي للدراسات والأبحاث في حقوق الإنسان والإعلام، بمعية شركائه، يومين دراسيين حول الإعلام الجهوي بين حرية الرأي والتعبير واحترام أخلاقيات المهنة، 2و3ماي 2014، بأكادير،حيث انطلقت أشغال الورشتين التكوينيتين في “الإعلام المكتوب والإلكتروني” و”الإعلام السمعي البصري”واستفاد منهما أزيد من 80مشاركا ومشاركة من مختلف أقاليم ومدن جهة سوس ماسة درعة، يمثلون منابر اعلامية مختلفة.

فعلى مدار أزيد من أربع ساعات قام “ذ.محمد العلالي” بدور المنسق بين الورشتين، حيث أعطى الكلمة في البداية ل”ذ.خالد لوزيعا”، ثم “د.المختار الموحل”، تلاهما “د.هشام مادعشا”، وأعقبهم في الأخير “ذ.الحسين بن عياش”، قبل أن يفتح المجال للمشاركين للتعبير عن آرائهم في اتجاه بلورة عدد من التوصيات.

ففي ورشة “الإعلام المكتوب والإلكتروني” ركزت مداخلة ذ.خالد لوزيعا على أربعة  مداخل أساسية، يمكن ايجازها في ما يلي:

1/ المدخل القانوني: اعتبره مدخلا أساسيا في كل مقاربة، معرجا على مجموعة من الأمور المنظمة (ظهير الحريات العامة1958، قانون الصحفي المهني1995، دستور2011)، ومشيرا إلى أن الدستور الجديد يعطي نفسا جديدا ومقاربة إيجابية في اتجاه حرية الصحافة ومأسستها وتنظيمها.

2/ المدخل المؤسساتي: أكد من خلاله على أن حرية الإعلام ترتبط أساسا بمؤسسات إعلامية، مشيرا إلى أهمية البعد التنظيمي والمهني داخل المقاولات الصحفية، متسائلا هل سيمكن ذلك من ظهور صحافة مستقلة حرة ونزيهة؟؟ لكن أردف المتحدث قائلا “الكل يقر بأن المؤسسات الإعلامية للأسف هشة ووضعياتها مضطربة، مستحضرا التقرير الأخير للنقابة الوطنية للصحافة  الذي يثبت أن ممارسي هذه المهنة يعيشون أوضاعا مزرية. ليخلص في الأخير إلى أن حرية الصحافة مرتبطة بمناخ مؤسساتي ملائم ومحفز ومشجع.

3/ المدخل المجتمعي: ركّز في هذا المدخل على الضغوطات التي تمارس على المؤسسات الصحفية والإعلامية بسبب الضائقات المالية وقلة أو انعدام الدعم العمومي، مما أدى حسب المتحدث إلى بروز “اللوبي البركماتي”.

4/ مدخل المستهلك/ القارئ: شدد المتحدث على أن هذا الأخير هو الضامن الوحيد والمساهم الأساسي في الإنتاج الإعلامي الحر والنزيه، مؤكدا على ضرورة صمود القارئ وانخراطه الفعلي والإيجابي من أجل صمود وبقاء الصحافة الحرة والنزيهة.

وقد اختتم “لوزيعا” كلمته بالتذكير ببعض أخلاقيات مهنة المتاعب ومنها:

*الصحافي ملزم باحترام المهنية حسب الأجناس الصحفية في إطار حر نزيه؛

*الضبط القانوني والضبط الأخلاقي (صحة الخبر، الانصاف، النزاهة، المصداقية، الحياد، الرأي والرأي الآخر وغيرها…).

في المقابل ركزت مداخلة “د.المختار الموحل” على  مجال الصحافة الإلكترونية، حيث أكد على ضرورة عدم الخلط بين الجانب الرقمي والإلكتروني، معرجا على تاريخ الإعلام الرقمي من تسعينيات القرن الماضي إلى الآن، حيث أصبح المخطط الرقمي ثقافة جديدة تتجدر في المجتمع يوما بعد يوم، مؤكدا على أن المقال الصحفي في المجال الرقمي يمكن أن يخضع إلى تحولات وتفاعلات القارئ بسبب التعليقات والانطباعات والتي يمكن أن تحول مسار المقال، مما يؤكد على إشراك القارئ في إنتاج الجريدة الإلكترونية. من هنا يبرز أن المجال الرقمي قد أدمج القراءة والكتابة في نفس الوقت وفتح المجال واسعا أمام الجميع للمشاركة والفاعلية والإنتاج؛

 وبالتالي فالمجال الرقمي حسب “الموحل” معروف إذن بمسألة التفاعل، مشددا في نفس الوقت على أن الإعلام اعتمد كثيرا على هذا التطور الإلكتروني والرقمي، فالمقال الصحفي الإلكتروني أصبح اليوم يدمج الصورة والصوت في آن واحد، وبهذا كله أصبح القارئ قادرا على الإنتاج والتأثير على المقال؛ وقد اختتم المتدخل كلمته بالتساؤل عن تأثير التطور الرقمي على مهنة الصحافة، مجيبا بأن ذلك كله يساعد المهتمين بالصحافة على تقصي الخبر أكثر والتحقيق فيه أكثر على أرض الواقع.

وبعد افساح المجال لانطلاق اشغال الورشة الخاصة “بالإعلام السمعي البصري “، ذكَّر “د.هشام مدعشا” بالإطار القانوني المنظم لهذا القطاع (الظهير المحدث للهيأة العليا للسمعي البصري 2002 وقانون 77/03 المتعلق بالاتصال السمعي البصري)، واللذان يؤكدان حسب مدعشا على الحرية في إطار المسؤولية واحترام أخلاقيات المهنة والتي ركزها في ( احترام الكرامة الإنسانية، احترام الحياة الخاصة للمواطن، مبدأ التعددية الديمقراطية، الحفاظ على القانون العام والأمن العام والدين وغيرها…). ليعرج بعد ذلك على التزامات المتعهد في دفاتر التحملات المنظمة للإعلام السمعي البصري ومنها:

*احترام الإنسان وعدم المس بكرامته وحياته الخاصة؛

*حماية الجمهور الناشئ من كل ما يؤثر على نموه ومساره الطبيعي؛

*أخلاقيات المهنة واحترام التعددية؛

*بث التكذيبات وحق الرد؛

*استقلالية الخط التحريري.

من جانبه، انطلق ذ.الحسين بن عياش من طرح مجموعة من التساؤلات المرتبطة بمجال السمعي البصري، من قبيل: هل تعكس وسائل الإعلام السمعي البصري التنوع الثقافي المغربي؟ إلى أي حد تحترم وسائل الإعلام كرامة الإنسان(موردا أمثلة حية في الموضوع)؟ هل هناك حضور في إعلامنا بشكل كاف ومريح للغاتنا المتنوعة بالمغرب؟ كم يشكل الإنتاج الوطني داخل ما يقدم من برامج في إعلامنا السمعي البصري؟؟ وأخيرا هل وسائل إعلامنا العمومي السمعي البصري تحترم الحرية الفردية والجماعية؟؟ ليؤكد “بن عياش” أنه: باحترام القانون وأخلاقيات المهنة نعبر عن  سلوك حضاري وحداثي، وبالتالي يجب التدقيق في المعلومات التي يعطيها الصحفي في الإعلام السمعي البصري، مضيفا أن وسائل الإعلام السمعية البصرية رافعة أساسية في تنمية الثقافة والفن، وذلك بالانفتاح على مختلف المكونات الثقافية والفنية، وعلى الخبرات والكفاءات والمكونات الثقافية والفكرية، من أجل جعل وسائل الإعلام أدوات  لتطوير قدرات المجتمع والإنتاج الوطني. كما نبّه في الأخير إلى ملاءمة التشريع الجديد مع مستجدات الصحافة الإلكترونية / والسمعية البصرية.

النقاش يفرز توصيات

بعد فتح المجال للنقاش البناء، عرض المشاركون من مهتمي الصحافة بالجهة شهادات حية لبعض تجاوزات أخلاق المهنة وملاحظات حول وسائل الإعلام السمعي البصري، ليتم في الأخير الخروج  بمجموعة من التوصيات أهمها:

1/ ضرورة توفير ثقافة رقمية للولوج إلى المخطط الرقمي؛

2/ إعادة النظر في اختصاصات الهيأة العليا للسمعي البصري؛

3/ ضرورة انتقال الصحافة الإلكترونية من الإرتجال والعشوائية إلى التظيم والعمل المؤسساتي؛

4/ ضرورة حماية القرار التحريري داخل المؤسسات الإعلامية المكتوبة والإلكترونية والسمعية البصرية؛

5/ حماية العنصر البشري المهتم بالصحافة في كل المجالات الإعلامية مهنيا وقانونيا واجتماعيا وماديا؛

6/ وضع تحديد دقيق للأجر الصحفي؛

7/ ضرورة احترام القانون وأخلاقيات المهنة وجعل ذلك سلوكا حضاريا إيجابيا؛

8/ تعزيز مجال حرية التعبير والرأي ومساندة المجتمع المدني؛

9/ ضرورة التمكين لإعلام جهوي مرتبط بالجهة يحتفظ بخصوصياتها وأن لا يكون إعلاما جهويا يسد الفراغ الزمني فقط.

 

تقرير من إعداد:

الحبيب الطلاب، مراسل التجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق