تعيين بادو الزاكي.. قرار صائب ولكن.. 

الزاكي

قرار الجامعة الملكية لكرة القدم تعيين بادو الزاكي مدربا للفريق الوطني مع ما رافقه من تعيين طاقم وطني يضم خيرة الكفاءات المغربية المعروفة برصيدها الرياضي وخبرتها يعزز الانطلاقة الصحيحة لبناء منتخب وطني قوي قادر على إحداث القطيعة مع النتائج السلبية التي حصدها في المراحل السابقة.
صواب هذا القرار لا يكمن في كونه يعطي ضمانة بإمكانية تغيير مسار رياضة الكرة القدم والتوجه بها نحو نسيان آلام الماضي وفشله في تحقيق نتائج إيجابية في الاستحقاقات الإفريقية والعالمية، ولكنه يكمن في ترسيخ قيم أساسية لا يمكن أن تنهض الرياضة المغربية بدونها، ومنها على وجه الخصوص أربع قيم:
– القيمة الأولى، وهي الاعتراف بالكفاءات الوطنية وما تزخر به من إمكانات، والثقة في إمكان تحقيقها لنتائج مهمة.
– القيمة الثانية، وهي الإقرار بأن مشكلة الإخفاقات التي تعرض لها المنتخب الوطني في العديد من محطاته، هي غير بعيدة عن مشكلة التحكم، فالعنوان الأساسي الذي تضمنه برنامج الناخب الوطني بادو الزاكي بعدم التدخل في عمله، يعطي صورة عن أهمية الاستقلالية عن التحكم ودورها في بناء منتخب وطني قادر على لعب أدوار طلائعية في الاستحقاقات الإفريقية والدولية.
– القيمة الثالثة، وهي التصالح مع الشعب والاستماع إلى نبضه، فالجمهور له ذائقة رياضية كبيرة، ولا يمكن أن يستمر تجاهل هذه الذائقة، وفرض أسماء على مستوى اللاعبين على مستوى الطاقم التقني لا تحظى بأي تقدير أو تعاطف شعبي.
– القيمة الرابعة، وتتعلق بمعايير الاختيار، فلأول مرة، يتم التداول في أسماء مرشحة لتدريب المنتخب الوطني على قاعدة العروض والبرامج التي قدمها المرشحون ودرجة إقناعها للجنة الانتقاء، وهي العملية التي أقرت بأن ملف الناخب الوطني بادو الزاكي كان الأكثر تماسكا وإقناعا.
هذه هي القيم الأربعة التي تم استخلاصها من هذا القرار، وهي تمثل الحزمة الضرورية لإنقاذ الرياضة المغربية وغيرها من القطاعات التي تعاني من نفس الأزمات: أزمة الاعتراف بكفاءات هذا الوطن وإعطائها الموقع المناسب التي تستحق لتبين عن قدراتها بما يعنيه ذلك وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وأزمة التحكم، وما تقتضيه من العدالة والاستقلالية وإعطاء الفرصة لكل من يتبوأ موقعا ما للعمل وفقا للصلاحيات التي يخولها له القانون أو الدستور، وأزمة القطيعة مع الشعب، والوصاية عليه، وما تستلزمه من التصالح معه والاستماع إلى نبضه، ثم أزمة الفساد، وما تتطلبه من إعمال مبدأ تكافؤ الفرص واعتماد معايير النزاهة والشفافية في تدبير المرافق العمومية.
لايهمنا في هذا السياق الوعود التي قدمها الناخب الوطني السيد بادو الزاكي، فقد تتحقق كلها، وقد يتحقق بعض منها، وقد لا تتحقق، لكن المهم أن نرى منتخبا قويا يرضي بأدائه الجمهور المغربي، ويعيد الثقة في كرة القدم الوطنية، ويرسخ فكرة أن تقدم الرياضة الوطنية لا يمكن أن تحصل بمعزل عن هذه القيم الأربعة.
نعم هي انطلاقة صائبة وجيدة، لكن، ينبغي دائما الحذر من إمكانية عودة التحكم من بوابة اللانسجام التي يمكن أن تحصل بين بعض الكفاءات الوطنية التي أنيطت بها بعض المهمات وبين الناخب الوطني، لاسيما وأن هناك مؤشرات وحوادث سابقة تبعث على القلق في هذا الموضوع، مما يستدعي تحصين إرادة الناخب الوطني، وعدم استغلال أي ثغرة من الثغرات لإفشال خياراته، والتدخل بشكل من الأشكال للضغط عليه ووضعه بين الكماشة للخضوع في نهاية المطاف إلى إرادة نهج التحكم الذي أفسد الرياضة والثقافة والفن والإعلام والسياسة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق