تكثيف محطات تصفية المياه العادمة… الحل الايكولوجي الأمثل بسوس الكبير لاقتصاد الماء

بحيرة

بدعوة من منسق بييزاج بمنطقة “اشتوكة ايت بها” السيد الصديق الناصري وفي في إطار جولاتها التفقدية ببلدية بيوكرى قامت جمعية بييزاج بزيارة يوم السبت 12 ابريل 2014 لمعاينة مشكل تسرب مياه الأمطار واختلاطها بالمياه العادمة التي تكتسح إحدى التجزئات السكنية بمدخل بيوكرى يسارا وذلك بمحاذاة  حي لاشالي ايت ، وتأتي هذه الزيارة التفقدية في خضم ما عرفته المنطقة من تسرب للمياه العادمة وظهور برك أسنة خلال الأمطار القليلة التي تهاطلت نهاية مارس الماضي، مما خلف استياء عارما من طرف الساكنة المتضررة. وللاستفسار عن الأمر قامت الجمعية بزيارة خاصة لمحطة معالجة المياه العادمة التابعة للمكتب الوطني للكهرباء والماء من اجل معرفة أسباب وجود هذه البرك الآسنة، والتعرف كذلك على المجهودات المبذولة لإعادة استعمال المياه العادمة بتلك المحطة وظروف اشتغالها وأهميتها البيئة والمستدامة.

 

  1- محطة التطهير ببويكرى منشئة بيئية ونقطة خضراء في مواجهة الجفاف لتطعيم الفرشة المائية الهشة باشتوكة ايت بها.

يعزى تسرب المياه العادمة الى عدم وجود قنوات الصرف الصحي الطرقي وهو ما لاحظناه من خلال المعاينة وهو ما يدفع مياه الأمطار الى الجريان والتجمع في المناطق المنخفضة لتتكون بذلك برك مائية، وحسب احد التقنيين العاملين بمحطة التطهير السائل ببويكرى فان محطة ضخ المياه العادمة يتم توقيفها في هذه الحالة حتى لا تختلط مياه الأمطار المختلطة بالوحل والتربة والتي تعتبر من وجهة نظر القائمين على محطة الضخ كونها مياه نقية وغير مختلطة بالعوادم وفي حالة السماح بدخولها عبر محطة الضخ فالطاقة الاستيعابية لمحطة التطهير لن تقوى على أداء مهمتها بشكل جيد مما قد يعرض الأحواض للفيضان والمحطة للإتلاف نتيجة شدة الصبيب والفيضان وملئ جميع الأحواض بما فيها الأحواض الخاصة بالحالات الطارئة الذي هو متحكم فيه من خلال المحطة لذلك فمحطة الضخ الوحيدة بالمنطقة ومحطة التطهير تستقبل فقط مياه قنوات الصرف الصحي وهو ما يؤدي أحيانا الى اختناق قنوات الصرف الصحي بالمدينة حيث يؤدي ذلك الى  ارتفاع منسوب المياه العادمة بقنوات المنازل وتسربها بالمنازل السفلية عند ارتفاع معدل التساقطات المطرية في بعض الفترات، ويطالب القائمين بالمحطة من الجماعة القيام بتجهيز المدينة بقنوات الصرف الصحي الطرقي لاستقبال مياه الأمطار وضخها في  محطة أخرى خاصة لتطعيم الفرشة المائية أو استعمالها لإغراض فلاحية أما بالنسبة لمحطة الضخ ومحطة التطهير فهي نقطة خضراء في  منطقة أصبحت مظاهر الجفاف والتصحر تغزوها تدريجيا، لكن للأسف لقي هذا المشروع البيئي والايكولوجي في اقتصاد الماء مقاومة شرسة من طرف الساكنة المجاورة، بييزاج دخلت الى لقب المحطة لاستكشاف أسباب هذه المقاومة فلم تجد لها معنى نظرا للأسلوب التقني والفني المعتمد في التطهير والذي لا يعتمد أية مواد دخيلة على هذه التقنيات الطبيعية 100℅

 

  2- أمام احتياج ظاهرة الجفاف والضغط على الفرشة المائية،البديل الواقعي استثمار وإعادة استعمال المياه العادمة كحل من اجل تطعيم الفرشة المائية الجافة بالمنطقة.

 

المحطة تمتد على مساحة 13 هكتار وتعتمد اسلوب طبيعي تقني عالي الجودة في تصفية المياه العادمة عبر سلسلة من العمليات التي تتم من محطة الضخ الى مرحلة تطعيم الآبار على عمق 25 متر بجوف الأرض، بمعدل 1600 طن او ما يربو عن 4000 متر مكعب يوميا من المياه التي يتم تطهيرها لتعزز العجز الحاصل في الفرشة المائية بحوض إشتوكة ايت بها ومنطقة بيوكرى الفلاحية خصوصا، وتتم العملية عبر ضخ المياه الى حوضين يسميان أحواض تجفيف الوحل حيث يتم تخليص المياه من الأوحال والنفايات الصلبة الدقيقة عبر آلة خاصة تعمل على امتصاص الأوحال من عمق الأحواض وتحويل الى أحواض التجفيف، بعد ذلك يمر الماء تدريجيا باتجاه حوضين للتصفية الأولية  التي يبلغ طولها معدل ملعب كرة قدم،وسعة كل واحد منها عسرة آلاف طن من الماء وبعمق أربعة أمتار حيث تساهم أشعة الشمس وحركة  الهواء الماء في تنقيته من الروائح  والبكتيريا والشوائب والعوالق الدقيقة بطريقة طبيعية، بعد ذلك تتجه المياه التي تمت تصفيتها الى أربعة أحواض التصفية الثانوية، ويعمل عاملين على تنقية جنبات الأحواض من النباتات التي تقوم على تكثيف نشاط البكتيريا والحشرات والناموس وكذلك أكياس البلاستك التي تتطاير وتعقد عمل ثلاث عمال مكلفين بالحراسة والتنقية بدون توقف طيلة السنة، وتخضع هذه المحطة لإجراءات ومعايير صارمة جدا فيما يخص السلامة الصحية و قياس نسب التلوث بمعدات تكنولوجية وعلمية من خلال مختبر بعين المكان الذي يأخذ عينات يومية لقياس جودة وتركيز PH الماء يوميا وشهريا ودوريا  كل ثلاث أشهر من خلال مختبر وطني يبعث نتائج التحليل المخبرية من جلال جولة وطنية عبر كافة التراب الوطني.

 

3-لا وجود لروائح كريهة بمحطة التصفية لمنطقة بيوكرى، والمحطة تلعب دورا مهما في التنمية المستدامة  واقتصاد الماء.

 

ما يبعث على الاندهاش عكس المتوقع و اغرب ما استنتجته الجمعية هو انعدام وجود روائح كريهة بالمحطة وبجميع الأحواض الثمانية  فرغم أنها محطة للتطهير المياه العادمة فلا وجود للروائح الكريهة عكس ما يعتقد الناس أجمعين، ويتم التخلص من الروائح في الأحواض الأولية لان البكتيريا المسببة تعمل بنفسها على التخلص من الروائح الكريهة بشكل طبيعي وبينما تصل المياه للأحواض الأولية للتصفية تتعرض لأشعة الشمس بحوالي متر ونصف في عمق الحوض وحركة الماء بالرياح تجعل الروائح تختفي طبيعيا. وذلك بدون ان تكلف هذه العملية الايكولوجية ولو فلس واحد أو إضافة أية مادة كيماوية، وذلك لكون المختبرات لن تقبل أبدا إضافة أية مادة نظرا للتحاليل المخبرية اليومية لقياس جودة الماء قبل مروره بأحواض التصفية الثانية،والتي تعد أخر الأحواض قبل ضخ المياه  حيث تحتوي هذه الأحواض على متر من الحصى الدقيق  رقم 1 “الكرافيت” أو المشهور ب”الكاياس”  بالإضافة الى 70 سنتمر من الرمل على مساحة تقدر بحوالي  هكتار موزعة على أربعة أحواض تصفية ثانوية، وتمر المياه المصفاة عبر فنوات التي يتم تمريرها الى الآبار المملوءة بالحصى على عمق 25 متر في جوف الأرض وبقطر يبلغ  مترين

 

   4 -هذه المياه صالحة لاستعمالات فلاحية وسقي المناطق الخضراء وتخضع للمعايير الصحية والعلمية لجودة مياه السقي

 

تعتبر محطة التطهير السائل بمدينة بيوكرى للمكتب الوطني للماء والكهرباء منشئة جد مهمة على مستوى الإقليم، ومكسب ايكولوجي مستدام أمام ندرة الماء وتناقص الفرشة المائية بالحوض المائي “لاشتوكة ايت بها”، كما نعتبره من وجهة نظر جمعية بييزاج لحماية البيئة اسلوب راق في التعامل مع النظم البيئية والإشكالات المرتبطة بالمياه العادمة بالعديد من المدن المجاورة بل ندعو من خلالها الجماعات المحلية بكل من منطقة  القليعة وخميس ايت عميرة التي تسبح  أحياءها في برك من المياه الآسنة الى اعتماد نفس الأسلوب للحد من ظاهرة التلوث التي تعرفها المنطقة والتي تمت معاينتها، كما ندعو  المكتب الوطني للكهرباء والماء الى مساعدة هذه الجماعات في الدراسات للتخلص من معضلات المياه العادمة التي تخترق الشوارع والأزقة وتتسبب في الأمراض الجلدية وانتشار الحشرات الضارة والأمراض الفتاكة المصاحبة لها وما يصاحبها من تلوث للفرشة المائية نظرا لانتشار للمطامير مما قد يعرض الصحة العامة للأوبئة والأمراض نحن في غنا عنها، ولا يفوت جمعية بييزاج ان تنوه بمجهودات الأطر المغربية “حماة البيئة والطبيعة والتنمية المستدامة” العاملين والساهرين على تتبع هذه المنشآت الإستراتيجية البيئية ليل نهار، وطيلة السنة، على تفانيهم في خدمة الصالح العام وأداء الواجب المهني بإخلاص وتفان ونكران الذات، كما نناشد الساكنة المجاورة بعدم إزعاجهم خصوصا ان هنالك تطفل كبير من طرف أطفال المدارس المجاورة، وبعض المنحرفين الذين يقومون بقطع أسلاك الحواجز للسطو على ممتلكات المختبر او لسرقة الكرات العائمة فوق الماء وسط الأحواض وتخريب ممتلكات العامة للدولة، والدخول الى قلب المحطة التي تشكل خطرا على سلامتهم، وكذلك  خطر إشعال حرائق بالغابة من طرف المنحرفين وتجار المخدرات  الذين يجوبون المنطقة ليلا، مما يزعج ويعيق عمل العاملين رغم العديد من الشكايات للسلطات المحلية والأمنية  بهذا الشأن خصوصا ان المحطة تقع بين العديد من الدواوير، بمنطقة تابعة للنفوذ الترابي لجماعة الصفا حيث ينشط المنحرفين والخارجين عن القانون للفراغ الأمني،  كما لاحظنا كذلك اعتداء سافر على غابات الاركان وسرقة الخشب وتكسير الأشجار وانتشار الرعي الجائر، وانتشار الازبال مطارح عشوائية بلا رقيب ولا حسيب، وأكياس البلاستيك في الغابة وإغراقها الأشجار  بوابل من الحجارة  للحصول على  الاركان الذي لم ينضج بعد خصوصا بالمناطق المحيطة بالمحطة مما ينم على جهل كبير بأهمية البيئة و الغابة والتنمية المستدامة للتجهيزات الأساسية التي يتم مقاومتها  دون سبب معقول رغم أهميتها الايكولوجية والبيئية بالنسبة للأجيال القادمة والمنطقة ككل. وهو ما يجعل الجمعيات المحلية باشتوكة ايت بها ومنطقة الصفا أمام امتحان عسير في سبيل تعزيز ونشر قيم المحافظة وحماية  البيئة والتنمية المستدامة وجمعية بييزاج لن تدخر أي جهد في التعاون مع الجمعيات المحلية في تعزيز هذا الوعي ونشره خدمة للمصلحة العامة بالمنطقة.

حماية البيئة مسؤولية الجميع

رشيد فاسح

رئيس جمعية بييزاج للبيئة والثقافة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق