المحامي بوجمعة الوادي : ما أهون العباد على الله إذا ظلموا!

بوجمعة الوادي

لقد تأثر الجميع بصور العجوز إبا إجو وهي تتقلب على الأرض أمام المحكمة الإبتدائية بتيزنيت كالدجاج المدبوح وهو مشهد صادم لم تألفه العين في منطقة سوس التي بطبعها الهدوء بشكل عام والتي تميزت بإحترام الدمم والحرمات حتى في أحلك الظروف التي تميزت بضعف أو إنهيار السلطة المركزية خلال القرون البائدة..
وقد تميز المجتمع السوسي كغيره خلال كل هذه العهود برعاية الضعفاء وصون حقوقهم بدافع من قيم الدين والإنسانية ونادرا ما كان يظهر التجبر بهذه الطريقة حيث أمن الناس بشكل عام في إطار من صون الأعراف وإحترام قواعد الملكية المبنية أساساً على الحيازة ولم تكن حاجة إلى التوثيق بل كان يكفي مظهر التصرف ووضع اليد لإستقرار الملكية!
والغريب أن حالة إبا يجو تتصف بمفارقة إضافية حيث إن المتظلم منه ليس سوى أخوها-أو أخ زوجها- لا فرق وهو الذي كان في العرف المغربي حتى الأمس يمكن أن يقاتل في سبيلها وليس فقط ضمها في حريمه والإنفاق عليها.
وهذا ما صدم الرأي العام بالأساس … إذ أقل ما يتوقعه الرأي العام المحلي والوطني من شخص “شريف” هو التكفل بزوجة أخيه ورعايتها بإيوائها تحث سقفه وحول مائدته يكرمها كما يكرم زوجته وبناته!
وإذا صح ما ذكر على لسان الزوج فإن العقد الذي يحتج به السيد “ل.و” مجرد عقد عرفي صحح إمضاءه بجماعة كان يرأس مجلسها مما لا يستبعد فرضية تزويره بحكم السلطة التي يتمتع بها على كتاب الحالة المدنية بالجماعة وهذا سبب يمكن من خلاله إلغاء هذا العقد.
فرئيس المجلس يشهد على صحة الإمضاء مما يتنافى وصفته كمتعاقد وكان عليه إشراك سلطة الوصاية في الإشهاد على صحة التوقيعات أو التصديق عليها بجماعة محايدة!
والحقيقة أن الفصل 402 من قانون المسطرة المدنية صريح في أنه حتي في حال إبرام الأحكام من طرف محكمة النقض يمكن إعادة النظر فيها ومراجعتها إذا بني الحكم على وثائق مزورة!!
إن السيد “ل.و”  عمل فترة طويلة في نظام حكام الجماعات البائد وأكتسب خبرة ضيقة في مجال الحيازة العقارية بالخصوص الذي يعتمد على نظام الإثبات بالشهود وزاد الطين بلة إعتماد فلاحي المنطقة على مجرد الحيازة الظاهرة والتوقير المتبادل في في إطار من العرف والأخلاق الحميدة المبنية على صون الحرمات وإحترام ورعاية الجوار..
فكان على السيد الوزاني تكريس معرفته وخبرته لخدمة إخوانه وجيرانه ومنطقته ووطنه لا إستغلالها ضدهم.
إن القضاء ليس بالسوء الذي يتصوره البعض وفيه رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.. كما أن الدولة المغربية لا يمكن أن تسمح بحجم من الإنتهاك يصل لدرجة العبث كما هو الشأن في قضية إبا إجو وقد أتبثت دوماً أنها تضرب بقبضة من حديد كلما وصلت الأمور لدرجة إهانة الضمير الوطني.
لقد لاحظ جسم العدالة من محامين وعدول وكتاب ظبط وقضاة مند عقود أن قضايا السيد الوزاني أمام المحاكم تصل إلى المئات وهو أمر غير عادي!! كما أن العقارات التي يتخاصم بشأنها تصل لمئات الهكتارات وهو كذلك غير عادي.. فكيف تأتى له تملك عقارات تتجاوز مساحتها مساحة مدينة كتزنيت مثلاً؟؟ وهو أمر ترفضه الفطرة والدوق والمنطق السليمين..
إن منطقة سوس وواد نون وأيت بعمران بها المئات من الشخصيات النافذة في كافة أسلاك الدولة ولكن لم نلحظ أي محاولة من أحد لإستغلال هذا النفود لسلب فقراء الفلاحين أملاكهم.. فهذا ليس سلوك المغاربة كافة..
قديما قال الصحابي الجليل أبو الدرداء كلاماً نسبه البعض إلى الرسول ص ولكنه بإجماع علماء الحديث من كلام أبو الدرداء رغم نفحة النبوة التي يحملها، قال: ( ما أهون العباد على الله إذا ظلموا) وهو قول تقشعر له الأبدان من هول الوعيد الذي يحمله نطلب الله تعالى ألا نهون عليه أبداً وأن يهدينا جميعاً سبل الخير والرحمات.

ذ.بوجمعة الوادي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق