لماذ تثير عقود شراء "بوتزكيت" سخط السكان المتضررين على السلطة القضائية!

عقد بيع 2

إن الحقيقة هي أن السكان يوجهون أصابع الإتهام إلى التغرات التي يحتويها نظامنا القانوني وهي في الحقيقة تغرات يتحمل مسؤوليتها المشرع لا القضاء!!
لاحظوا كيف يمكن لأي شخص (قبل صدور مدونة الحقوق العينية) أن يبرم مع أي متسول أو نصاب عقد شراء عقار قد تتجاوز مساحته 20 عشرون هكتار (ما يعادل نصف إمارة موناكو تقريباً) يحرره كاتب عمومي ويصحح إمضاءة بأي جماعة أو بلدية، وإن أحب هذا الشخص أن يذهب أبلغ مدى في السخرية من نظامنا القانوني فما عليه إلا أن يرفع دعوى حيازية في مواجهة أحد أصدقائه أو أي شخص يتفق معه وبتواطىئهما يستصدر حكماً بالإفراغ فيكون قد إستكمل شراءً مقرونا بالحيازة وهو كل ما هو مطلوب لتقديم طلب للتحفيظ وتطهير الملك من النزاع!!!!
ألا يحق إدن للسكان أن يتحسسوا الخوف وألا يشعروا بالأمن ؟؟
ألا يتحول القضاء في مثل هذه الحالة إلى جهاز مكتوف اليدين يرى عجز النظام القانوني ولا يستطيع التدخل..
بل أليس القانون في مثل هذه الحالات من حيث لا يقصد مطية يستغلها ضعاف النفوس لتوسيخ سمعة وشرف القضاء الذي يتسلل إليه اليأس ويتسرب إلى ضميره الشك وإنعدام اليقين عندما تدفعه القواعد القانونية البالية للإثبات إلى إصدار أحكام لا يطمئن إليها ضميره؟!!
ربما كان نظام الإثبات بالشهود في الميدان العقاري فعالاً في العصور الماضية عندما كانت الساكنة تعيش في بلدات بسيطة ومدن صغيرة الحجم وكان القضاة واسعي السلطة ومنصهرين في الحياة اليومية للناس يعرفون كل خباياهم تفاصيل حياتهم.
لكن بداية من عصر الإنحطاط الذي تلا ضعف وإنهيار الإمبراطورية العثمانية وقبله عصر المماليك في الشرق ونظام ملوك الطوائف في الأندلس أصبح نظام الإثبات بالشهود في ميدان العقار أداة سهلة في يد القضاة الفاسدين أو على الأقل القضاة المقلدين الجامدين.
أليست قاعدة أن (شهود الإثبات مقدمون على شهود النفي) قاعدة لا يزال يعمل بها في قضائنا إلى اليوم بالكثير من المحاكم سيما في قضايا الحيازة العقارية والحال أنها قاعدة لا أساس من القانون لكونها تحول المدعي إلى متحكم في العدالة وتفقد القاضي أي سلطة أو قدرة على الإجتهاد؟؟
كيف تقدم شهادة على شهادة لمجرد أنها لصالح المدعي وتؤخر الأخرى لمجرد أنها لفائدة المدعى عليه؟
أين عقل وذكاء القاضي في هذه المعادلة؟
إن أي مدع عديم الأخلاق سرعان ما يفطن إلى سهولة الأمر ويكتشف مثل هذه التغرات ويحترف التحايل على نظام قانون للإثبات هزيل وضعيف ويصبح محترفاً للظلم منساقاً وراء أطماعه وما أكثر ما نقابل من أمثال هولاء في المحاكم.
( قال وما خطبك يا سامري قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فأنتدبتها وكذلك سولت لي نفسي) صدق الله العظيم.

ذ. بوجمعة الوادي (محامي بهيأة أكادير)

عقد بيع

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق