"منارة أولاد جرار" .. معلمة في مهب النسيان

منارة أولاد جرار

تقع قبيلة أولاد جرار بجهة سوس ماسة درعة ، في إقليم تيزنيت  وتبعد عن مركز مدينة تيزنيت بحوالي 15 كيلومترا من جهة الجنوب ، و تمر منها الطريق الرئيسة رقم 1 الرابطة بين الأقاليم الشمالية و الأقاليم الجنوبية للمملكة.

أولاد جرار قبيلة هاشمية ، تنسب شجرتها حسب وثائق المكتبة الوطنية بالرباط إلى عقيل بن معقل بن موسى بن محمد بن جعفر الأمير بن إبراهيم الأعرابي بن محمد بن علي الزينبي بن عبد الله بن ذي الجناحين جعفر الطيار رضي الله عنهما. دخل أولاد جرار المغرب في إطار الفتوحات الإسلامية واستقروا بسوس العالمة .

تنهل الثقافة الجرارية من ثلاث روافد رئيسة؛ وهي : الرافد العربي و الرافد الأمازيغي والرافد الحساني الصحراوي. مزيج من الثقافات في ثقافة واحدة ، هذا ما يميزها عن بقية القبائل المغربية ، وتشاركها في ذلك بنو عمومتها من قبائل هوارة.

ومن أبرز المآثر التاريخية التي تزخر بها هذه القبيلة (منارة أولاد جرار) المتواجدة بمنطقة (الركادة) وهي نسخة طبق الأصل لمنارة مراكش، وشتان بين المنارتين ، فمنارة مراكش أصبحت مشروعا سياحيا بامتياز ، تجذب السياح من كل حدب وصوب ، بينما منارة أولاد جرار في مهب النسيان والإهمال.

وهذا الإهمال يرجع بالأساس إلى عدة عوامل، من بينها؛ تجاهل المسؤولين في “جماعة حد الركادة” للمآثر التاريخية بالمنطقة وتغاضيهم عن الأهمية الحضارية و التراثية والثقافية لتلك المعلمة . حيث تم تحويل صهريجها إلى ملعب لكرة القدم (الشاريج) ، وأصبح بمثابة ملعب للقرب يزاول فيه شباب دواري “النبازرة” و”البناور” هواية كرة القدم منذ أواخر القرن المنصرم.

ومن جملة الأسباب أيضا تعرض المنارة لأعمال التخريب بدعوى التنقيب عن الكنوز، وكذا من طرف من يجهلون قيمة التراث. ناهيك عن عوامل الزمن التي ساهمت بدورها في تحول منارة أولاد جرار إلى أطلال تبكي الزمن الجميل.

ولم يبق من المنارة اليوم إلا الأطلال التي مازالت صامدة، وحكايات الأجداد الذين عايشوا بعض أيام المنارة عندما كانت بالفعل منارة،  حيث كانت في أبهى حلة يحيط بها سوركبير لم تبق منه اليومَ لَبِنَة ، وصهريجها دائم الإمتلاء بالمياه، أما الآن فيتم ملأه بالمياه فقط في المواسم التي تكثر فيها التساقطات المطرية. و كانت تحيط به أشجار العديد من الفواكه، لم تبق منه اليوم شجرة. لتصبح بذلك منارة أولاد جرار آيلة للسقوط في أية لحظة بعد أن تلاشت معالمها .

لذا ننادي ونناشد كافة المسؤولين بجماعة حد الركادة وكافة المهتمين بالتراث الحضاري إلى الإسراع في تدارك الموقف، والقيام بترميم و إصلاح منارة أولاد جرار، التي شهدت على فصول عديدة من تاريخ هذا الوطن العزيز، والذي ستظل المنارة ترسخه في ذاكرة الأجيال الصاعدة ما دامت صامدة في وجه التخريب واللامبالاة. وحبذا لو يتم استغلالها وتحويلها إلى مشروع سياحي يعود بالنفع على الجماعة القروية و على الساكنة الجرارية و على اقليم تيزنيت و جهة سوس ماسة درعة بأكملها.

إن التراث أمانة وإرث من الأجداد .. فل نحتفظ به لمن سنكون نحن أجدادهم .

بقلم يونس السعيدي

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق