فلنتعلم من المغرب

adeeb

هناك درس بالغ الأهمية علينا أن ننقله من التجربة المغربية، فى علاقة النظام الملكى بالمعارضة السياسية، ويمكن القول إن هذه العلاقة هى أنضج شكل للعلاقة بين حكم ومعارضة فى العالم العربى المعاصر.

ومنذ أن تولى الملك محمد السادس، مقاليد الحكم عقب وفاة والده الملك الحسن الثانى، وهناك نوع من «الوعى العميق» لدى الحكم الملكى تجاه المعارضة، سواء كانت معارضة يسارية تنتمى للتيار الاشتراكى أو للتيار الإسلامى، وضع الملك محمد السادس قاعدة واضحة تقوم على أن النظام الملكى هو تعبير عن الدولة، أما من يؤلف الحكومة فتلك مسألة لها علاقة بالسلطة، والسلطة التنفيذية تأتى عبر الأغلبية البرلمانية بصرف النظر عن هويتها السياسية.

الدولة هى الثابت والحكومة هى المتغير، الذى تفرضه الأغلبية، لذلك يصبح احترام الدولة للأغلبية أمرا مقدسا، ويصبح احترام الحكومة لسيادة الدولة أمرا لا يقل قدسية عن الأول.

التجربة السياسية فى المغرب لا خوف عليها مهما دخلت فى إشكاليات أو مطبات، لأنها تقوم على قواعد راسخة للعبة السياسية، يحترم فيها كل طرف الآخر، ويقوم بتنفيذ ما عليه من استحقاقات.

… صرح عبد الإله بن كيران رئيس وزراء المغرب والمعبر عن الفكر الإسلامى المعتدل: «إن المغرب هو الذى سيدفع ثمن أى نزاع بين الحكومة والمؤسسة الملكية» وأضاف أنه إذا أراد المغاربة شخصاً يصطدم بالملك فليبحثوا لأنفسهم عن شخص غيرى».

تصريح بن كيران ليس عن زعيم سياسى ضعيف، لكنه تصريح لرجل حكيم وقوى، يدرك أن السياسة كما يقول أرسطو «هى علم الرئاسة وليست علم الصدام المفتعل مع القوى الأخرى».

تصريح بن كيران يعكس رؤية ناضجة وواعية لعلاقة العمل الإيجابية التى يجب أن تسود بين الحكم والمعارضة.

وقد يقول قائل إن مصر ليست المغرب، وإن النظام الملكى يخالف قواعد النظام الجمهورى، وإن سلطات الملك تختلف عن سلطات رئيس الجمهورية، هنا يأتى الرد أن العبرة فى أنظمة الحكم هى 3 أمور:

1- أن يكون الشعب المصدر الرئيسى للسلطات.

2- أن يكون هناك فصل واضح بين السلطات الثلاث.

3- أن يكفل النظام السياسى وسيلة شرعية لانتقال السلطة بشكل سلمى وآلية ديمقراطية لتداولها.

علينا بمنتهى التواضع أن ننظر حولنا ونتعلم من تجارب، من رومانيا إلى غانا، ومن جنوب أفريقيا إلى المغرب.

عماد أديب

الوطن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق