التحف المغربية بالدول الأجنبية

تزخر المتاحف الأجنبية بتحف أثرية وفنية مغربية تؤرخ لفترات تاريخية مهمة وتحمل بين طياتها غنى وتنوع المورث الحضاري. بدأت عملية التهريب خلال القرن 19م مع توافد البعثات الأجنبية على مختلف مناطق البلاد لأغراض أركيولوجية وجغرافية، وتواصلت عمليات تحويل التحف نحو الضفة الأخرى للمتوسط بشكل قوي وسريع خلال الفترة الاستعمارية

وإدراكا بالأهمية الرمزية والمادية لهذه الكنوز التي تشمل البذور المحلية، أواني خزفية ومعدنية والحلي والعملات ومنقوشات ولوحات من الزليج ومنابر لمساجد مغربية قديمة ومصاحف تعود إلى مختلف الحقب التاريخية…، ترفض هذه المتاحف تسليم المسروقات بدعوى أن اتفاقية اليونسكو لا تشمل سوى ما تم تهريبه بعد 1970م.

تتواصل حاليا عمليات التهريب نحو الدول الأجنبية عن طريق سماسرة وشبكات جد منظمة تنطلق من البزارات بالمدن السياحية وحي بن جدية بالدار البيضاء لتنتقل نحو متاحف الدول الأجنبية، ويتعلق الأمر خصوصا بالمخطوطات والزرابي والأحجار النادرة والنباتات المحلية…

متحف بوسطن للفنون الجميلة ومتحف كاليفورنيا يضمان كنوزا للملك الأمازيغي يوبا الثاني، وقد قام متحف اللوفر بتقديم العديد من التحف المغربية، في إطار فعاليات “كنوز المملكة” سنة 1999، تمتد منذ ما قبل التاريخ إلى حدود التاريخ الراهن، ومنها مخطوط “قواعد الحياة الصوفية لابن العربي”، ومنبر مسجد القرويين، وأبواب العديد من مساجد العواصم التاريخية للمغرب…

لقد تقدم المغرب كثيرا في مجال إنشاء المتاحف العامة والمتخصصة (متحف محمد السادس لحضارة الماء “أمان”– متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر – متحف التراث الثقافي اليهودي- متحف للمستحثات- متحف التاريخ والحضارات …)، لكن الضرورة تفرض إنشاء متاحف إقليمية وجهوية، ولم لا تشجيع إنشاء متاحف خاصة بكل المدن والقرى ما دامت البلاد جد غنية بالتراث المادي واللامادي، فنحن في زمن العولمة التي لا تؤمن بالاختلاف والتنوع؛ فما تزخر به بلادنا مهدد بالسرقة والتهريب، ومن شأن تراثنا أن يساهم في تكوين مواطن معتز بتاريخه وتنوع جذور حضارته.

إن مواجهة تهريب ونهب التحف والمآثر المغربية يلزمها، موازاة مع المقاربة الأمنية والقانونية، تعزيز وضعية التراث عموما، وخاصة داخل المناهج والحياة المدرسية، فالكتب المدرسية للأسف تقدم التراث بصورة دونية وقد أفرزت هذه الوضعية ضعف ثقافة زيارة المتاحف وسط المغاربة، فمعظم زوار المتاحف المتواجدة بالمغرب من الأجانب.

لذا ضرورة تشجيع الأنشطة المدرسية المتعلقة بالآثار والتراث وإدماج التراث المادي واللامادي في الكتب المدرسية، إضافة إلى إنجاز تقارير إعلامية وربورتاجات حول وضعية التحف والمآثر وإبراز أهمية ما تزخر به بلادنا، إضافة إلى إنشاء مرصد وطني قادر على تتبع وضعية التحف في الزوايا والمساجد العتيقة… ومراقبة ترميمها، لأن معظم التحف تتم سرقتها أثناء ترميم المآثر التاريخية، كما تبرز ضرورة ملحة لإنجاز دراسة حول كل التحف المغربية في المتاحف الأجنبية.

محمد مسكيت *باحث في التاريخ والتراث – مراكش

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق