إشكالية حريق الغابات بالمغرب بين التقلبات المناخية والسلوك البشري

حريق الغاباتنلدغ من الجحر كل مرة بحرائق الغابات، فقد وصل مستوى الحريق الأخير في غابات أمسكروض بضواحي أكادير، ولأول مرة، إلى» المستوى الرابع» في التدخل، نظرا لخطورة الحريق، مما استدعى تعاونا دوليا مع الجارة الإسبانية، واشتعلت شرارة الحريق يوم 10غشت 2013 على الساعة السادسة مساء، وتم التحكم فيه بصفة نهائية يوم الجمعة 16 غشت 2013، والتهمت الحرائق، حسب آخر إحصاء، حوالي 960 هكتار.
معالجة مشكل الحرائق بغابات أمسكروض تتطلب مراعاة عنصرين أساسيا، إذ يجب أولا تناول هذه المعضلة في سياق هيكلي، حيث أصبحت إشكالية الحرائق توازي إشكالية التقلبات المناخية، وبذلك يجب إدماج هذا البعد في إستراتيجية أو تصور جديد يهم تدبير الموارد الطبيعية بصفة عامة.
ثانيا يجب الحث على الجانب التوعوي بما أن العامل البشري، أي الساكنة المحلية، بات من المؤكد أنه العامل الأساسي وراء هذه الآفة.
فالعلاقة بين الإنسان القروي، خصوصا الجيل الحالي، ومجال الثروة الغابوية، شهدت تغيرات من حيث السلوك وقراءة المحيط والمعرفة المحلية، فالإنسان القروي لم تعد له سلوكات تقدر الخطر المحدق بالثروة الغابوية والمجال الطبيعي كما كان سابقا، هناك تغير في المجتمع الذي لم تعد له تجربة في التعامل مع المحيط البيئي والعوامل الطبيعية.
تدبير هذا الإشكال يستنزف موارد مالية ضخمة للدولة، نحن في حاجة ماسة إليها ولا يجب المطالبة بتعزيز وسائل التدخل والمراقبة على حساب تنمية وتطوير المجال القروي، لكون موارد الدولة تبقى محدودة أمام رهانات تنمية البلاد عامة
يجب إذن نهج مقاربة متوازنة ومستدامة و العمل على نجاعة اليقظة والتدخل منذ البداية عبر الاهتمام بكل الوسائل الجاري بها العمل في هذا الميدان، ويجب على الإدارة المعنية وتحديدا المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، وأن تتحمل مسؤوليتها في مجال المراقبة واليقظة وفق نظام فعال، فضلا عن توعية الساكنة المحلية فيما يخص السلوك والمعاملة مع المحيط، والتعريف بخطورة الحرائق وأثارها السلبية، وكذا بتأثيرات مختلف السلوكات البشرية داخل المجال البيئي .
لابد إذن من تكاثف جهود كل من المصالح المختصة والساكنة، والجماعة القروية هنا لها مسؤولية أساسية في مجال تدبير الثروة الغابوية، وعليه لا مناص من إدماج إشكالية الحريق الذي أصبح مشكلا هيكليا، ضمن الاستراتجيات المجالية والتنموية والتدبيرية للجماعات المحلية.
وللإشارة هنا لابد من التنويه بالكفاءة المغربية في مجال التدخل الجوي لإطفاء الحرائق وباقي المصالح حيث بلغ عدد أفراد التدخل في اليوم الأخير لإطفاء حريق أمسكروض المهول، ما يناهز 600 فرد، علما أن الحريق لم يخلف أية خسائر في الأرواح.

 

محمد التفراوتي نشر في بيان اليوم يوم 13 – 09 – 2013

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق