“تالخشا” أو ”البيصارة” أكلة مناضلة تنتعش في موسم البرد والأمطار

جامع بنيدير

هي “تاڴوڴلوت” لأنها ربما من خصوصيات بلدة أڴلو، الحاضرة بقوة في بيوتات آل أڴلو وفي مطابخها وموائدها، المحتفى بأطباقها الشهية، ليس في الوجبات الغذائية العادية فحسب، وإنما أيضا في المناسبات العائلية والولائم الكبرى، أفراحا كانت أو أتراحا، حيث تحظى أطباقها على الدوام  بترحيب من الضيوف والمدعوين من أبناء البلدة بشكل خاص، إذ لا تغني عنها الأطباق الأخرى مهما كانت فاخرة ومتنوعة، و لا تغيب أبدا رغم بساطة مكوناتها عن موائد هذه الوليمة أو تلك، فهي طبق طقوسي متجذر في تقاليد القوم وتراثهم الثقافي.

“تالخشا” من الوجبات الغذائية المعروفة، ليس في أڴلو و منطقة الجنوب فحسب،  وإنما في جميع جهات المغرب و مناطقه، تسمى بهذا الاسم  بالأمازيغية، و تسمى “بيصارة” في جل المناطق الناطقة بالعربية الدارجة، وشائعة في شمال المغرب باسم “بّايْصار”، غير أن  مكانتها في أڴلو متميزة، وتمسك أهل أڴلو بحضورها فريد ومتميز أيضا، والعلاقة بينهما موغلة  في الماضي، يخبرنا بذلك ما نسجوه من أساطير وحكايات حول مزاياها الغذائية، ومميزات فول “أڴلو” بالمقارنة مع فول “ماست”، وما تواتر من مأثورات وأقوال شعبية في الذكرة الجماعية المحلية بوأت هذه الوجبة الغذائية رغم بساطتها في أعلى مراتب الوجبات الغذائية المعروفة محليا ووطنيا.

هذه الوجبة المحظوظة بسيطة جدا من حيث مكوناتها، وسهلة من حيث إعدادها.

فمن حيث مكوناتها الأساسية فهي لا تتعدى حبوب الفول الجاف، أو حبوب الجلبان الجاف أيضا صفراء كانت أو خضراء، أوهما معا، مع ثلاثة إلى أربعة أضراس من الثوم، و ما يكفي من الماء والزيت والملح.

ومن حيث إعداد طبق منها لتغذية أربعة إلى خمسة أفراد نضع مقدار نصف كلج من الحبوب الآنفة بعد فصلها عن قشورها وتكسيرها داخل إناء، به ما يكفي من الماء الفاتر، مع  ما يكفي من الملح، وزيت المائدة ، وأضراس من الثوم، و نترك الإناء على نار عادية إلى أن تُطبخ فنقوم بطحنها جيدا فتصبح “تالخشا” جاهزة، عند تقديمها يمكن إضافة بعض التوابل وملاعق من زيت الزيتون أو أرڴان، ولابد أن يتوج كل طبق منها بفلفلة حارة أو فلفلتين وإلا وصف هذ الطبق بأنه أقرع  كما يتندر بذلك  من لا شغل له غير اصطياد الهفوات.

من المؤكد أن ما كان وراء اقتران وجبة “تالخشا” بموائد آل بلدة أڴلو ليس أبدا قيمتها الغذائية، فهي بالنظر إلى مكوناتها لا ترقى  إلى مصاف غيرها من مختلف الوجبات المتداولة، وإنما الذي بوأها هذه المكانة هو ما يحف بها من اعتبارات ثقافية بالدرجة الأولى،

فتحية إلى هذه الوجبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق